عقدت على الاستخدام، والاستخدام طلب الخدمة وقد تحقق طلب الخدمة، وإن لم تخدمه فلانة.
وإذا حلف الحر فلان السر فلاناً أو بمكاني ففعل ذلك بكتاب أو رسالة حنث في يمينه، لوجود الشرط فإن الإخبار كما يكون بالكلام يكون بالكتابة والرسالة. وكذلك لو حلف لا يبشر فلاناً بكذا، ففعل ذلك بكتاب أو رسالة يحنث في يمينه، ولو قيل له: أكان الأمر كذا؟ فلان في موضع كذا؟ فأومأ برأسه أي نعم فهذا ليس بإخبار ولا بشارة ولا يحنث في يمينه. ألا ترى أن بعد هذه الإشارة يتحرر ذلك الرجل أن يقول: ما أخبرنا فلان ولا تسرر به وإنما أشار برأسه. وإن عَبَّر بالإخبار والبشارة الإشارة بالرأس، وغير ذلك صدق ديانة وقضاء. لأنه معنى الإخبار والبشارة وفيه تغليظ وتشديد عليه فيصدق.
وإذا حلف لا يقّر لفلان بمال فقيل له: لفلان عليك كذا وكذا، فأشار برأسه أي نعم لا يحنث في يمينه، لأن الإقرار لا يتحقق (٣٧١ب١) بالإشارة؛ ولأنه إخبار عن كائن سيأتي.
وقد ذكر أن الإخبار لا يفصل بالإشارة، ألا ترى أنه لو قرىء عليه حكي إقرار وقيل أهو هكذا؟ فأشار برأسه أي نعم لا يكون إقراراً حتى لا يحل للشهود أن يشهدوا عليه بذلك المال كذا ههنا. فإن قيل أليس أن الأخرس إذا أقر بالإشارة فإنه يصح ويقضي القاضي به، ولو كان الإقرار مما لا يحصل بالإشارة ينبغي أن لا يصح. قلنا من وجهين: أحدهما: أن شرط جواز القضاء ليس هو الإقرار ولا الإشارة، وإنما الشرط علم القاضي بوجوب الحق، فالعلم حاصل بالإشارة وإن لم يكن إقراراً، أما شرط الحنث غير الإقرار، والإقرار لا يحصل بالإشارة.
والثاني: أن (في) حق الأخرس قامت الإشارة بحكم العجز مقام الإقرار، وجاء القضاء لوجود ما قام مقام الإقرار لا وجود الإقرار، فأما شرط الحنث الإقرار لا ما قام مقام الإقرار، وإن قال: عنيت أن لا أقر بالإشارة فهو كما عنى، لأنه نوى معنى الإقرار، وفيه تغليظ وتشديد عليه، وإذا حلف أن لا يتكلم بسرّ فلان لا يحنث بالكتابة والرسالة والإشارة، لأن الكلام ما يكون مشافهة ببيان يسمى متكلماً، ألا ترى أن موسى صلوات الله وسلامه عليه، كان مخصوصاً من الرسل بكلام الله تعالى مع استوائهم في الكتابة والرسالة.
ولو قيل له: أكان سر فلان كذا، أو قيل له: أفلان بمكان كذا. فقال: نعم يحنث في يمينه، لأن نعم جواب لما سبق من السؤال، والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال، فكأنه قال: نعم سر فلان كذا، فلان في مكان كذا، ولو صرح بهذا ليس إنه يحنث فكذا ههنا، والجواب في قوله: سر فلان نظير الجواب في قوله لا يتكلم سر فلان.
ولو حلف على هذه الأيمان كلها ثم خرس الحالف وصار بحيث لا يقدر على