ومن جملة ذلك ما رأته المرأة على غير ألوان الدم، وعند ذلك يحتاج إلى معرفة ألوان الدم: ما تراه المرأة في حالة الحيض من الدماء ستة: بعضها على الوفاق وبعضها على الخلاف. أما الذين على الوفاق إنهم قالوا: السواد والحمرة والصفرة حيض، وهذا لأن الأصل بالدم الحمرة، إلا أن غلبة السواد انصرف إلى السواد، وعند غلبة الصفرة انصرف إلى الصفرة. فأما الذات واحد.
وكان الشيخ الإمام الزاهد الماتريدي رحمه الله مرة يقول في الصفرة إذا رأتها ابتداء في زمان الحيض: إنها حيض، فأما إذا رأتها في زمان الطهر واتصل ذلك بزمان الحيض فإنها لا تكون حيضاً، ومرة يقول: إذا اعتادت المرأة أن ترى أيام الطهر صفرة وأيام الحيض حمرة فحكم صفرتها يكون حكم الطهر حتى لو امتدت هي بها لم يحكم لها بالحيض في شيء من هذه الصفرة لأن الحال دل على أن طهرها بهذه الصفة فقيل يحتمل أنه اعتبر ذلك في صفرة يغلب على لونها البياض وحكمها حكم الطهر على قول أكثر المشايخ.
ثم إن بعض مشايخنا ... بصفرة القز، وبعضهم بصفرة التين وبعضهم بصفرة السّبر وعن محمد بن مقاتل رحمه الله: أن يعتبر فيه أدنى ما ينطلق عليه اسم الصفر، وهذا كله في المرأة إذا كانت في ذوات الأقراء، فأما إذا كانت آيسة وحكم بإياسها ثم رأت شيئاً قليلاً يباشر الصفرة لا يكون حيضاً لأن ذلك أثر البول فلا يبطل به حكم الإياس وأما الذي على الخلاف فمن جملتها الكدرة وهي كالماء الكدر فإنها حيض عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تقدمت على الدم أو تأخرت عنها، وقال أبو يوسف رحمه الله: إن تقدمت على الدم لا يكون حيضاً وإن تأخرت يكون حيضاً.
ثم اختلف المشايخ على قوله في الكدرة المتأخرة على الدم أنها متى تصير حيضاً، والصحيح: ما ذكره أبو علي الدقاق رحمه الله أن ما دون خمسة عشر يوماً لا يفصل بينها وبين الدم كما لا يفصل هو بين الدمين.
ومن جملة ذلك: الخضرة، وقد أنكر بعض مشايخنا وجودها حتى محمد بن محمد بن سلام البلخي رحمه الله حين سئل عن الخضرة كأنها أكلت قصيلاً على سبيل الاستبعاد. وقال أبو علي الدقاق رحمه الله إنها كالكدرة. والخلاف فيهما واحد، وعنه