في يمينهِ، قيل: هذا الجواب مستقيم وعلى قول أبي يوسف رحمه الله غير مستقيم، على قولهما كما في مسألة الكوز، وقيل: لا.... هذا الجواب مستقيم على قول الكل لأن شرع الصوم مع الحيض متصور، فصار كمسألة مس السماء.
رجل قال لامرأتهِ: إن لم تصبحي غداً ولم تصلي فأنت طالق، فأصبحت وشرعت في الصلاة فطلعت الشمس أفتى شمس الأئمة الحلواني رحمه الله بعدم الوقوع، وأفتى ركن الإسلام السغدي رحمه الله بالوقوع، وقول ركن الإسلام أظهر، لأن هذا طلاق معلق بعدم الفصل في مجلس، فينظر فيه إلى شرط البر وشرط البر أن تصلب وتصلي وقد أصبحت ولم تصل ففات شرط البر فيتعين الحنث، وقد ذكرنا هذا الفصل بتمامه في كتاب الطلاق.
وإذا حلف لا يصوم اليوم، يعني: اليوم..... فأصبح صائماً ثم أفطر لا يحنث في يمينه، لأن الصوم فعل ممتد وقد أضيف إلى وقت الفعل الممتد إذا أضيف إلى وقت كان الوقت معياراً له، وإنما اليوم معيار للصوم إذا وجد الصوم في جميع اليوم أما إذا وجد الصوم في بعض اليوم كان المعيار بعض اليوم، فصار شرط الحنث الصوم الموجود في جميع اليوم ولم يوجد الصوم في جميع اليوم. وكذلك إذا حلف أن لا يصوم يوماً فأصبح صائماً ثم أفطر لا يحنث في يمينه، لأن شرط الحنث صومه ولم يوجد صومه، ولو حلف لا يصوم يوماً فأصبح صائماً ثم أفطر لم يذكر محمد رحمه الله هذا الفصل في كتبهِ، وذكر الكرخي رحمه الله في «كتابهِ» : أنه لا يحنث (٣٧٩أ١) في يمينه لأنه ذكر الصوم مطلقاً فينصرف إلى الكامل وهو الصوم المفيد لحكمه وهو الصوم في أول اليوم إلى آخره.
وحُكي عن القاضي أبي الهاشم رحمه الله: أنه إذا نوى المصدر يحنث في يمينه، وإن لم ينو المصدر (يحنث أيضاً) لأن صوم ساعة مما يتقرب به إلى الله تعالى في الجملة، ألا ترى أن العلماء قالوا: لا يستحب للرجل أن يصوم يوم العيد حتى يصلي صلاة العيد، فكان صوماً كاملاً فينطلق عليه مطلق اسم الصوم.
ولو حلف لا يصوم فأصبح صائماً ثم أفطر يحنث في يمينه، لأن شرط الحنث ههنا فعل الصوم، فبهذا القدر يصير فاعلاً فعل الصوم؛ لأن الصوم في اللغة عبارة عن الإمساك المجرّد، وفي الشرع عبارة عن الإمساك مع النية. وكما شرع في الصوم بنيّة الصوم فقد وجد ذلك، وما زاد عليه تكرار للمحلوف عليه، وتكرار المحلوف عليه ليس بشرط لوقوع الحنث، وإذا حلف لا يحج فحمد على الصحيح دون الفاسد، وإذا حلف لا يحج ولا يحج حجه فأحرم بالحج لم يحنث حتى يقف عرفة، رواه ابن سماعة عن محمد رحمه الله، وروى بشر عن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يحنث حتى يطوف أكثر طواف الزيارة. ولو حلف لا يعتمر أو لا يعتمر عمرة لم يحنث حتى يُحْرِم بالعمرة ويطوف أربعة أشواط رواه بشر عن أبي يوسف رحمه الله، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.