إذا حلف لا يتوضأ من الرعاف فرعف ثم بال ثم توضأ أو بال ثم رعف وتوضأ. فالوضوء منهما جميعاً ويحنث في يمينه، هكذا ذكر في «المنتقى» .
وفيه أيضاً: إذا حلف الرجل لا يغتسل من امرأته هذه من جنابة فأصابها ثم أصاب امرأة أخرى له أوأصاب امرأة أخرى له ثم أصاب المحلوف عليها واغتسل، فهذا اغتسال منها يحنث في يمينه، وكذلك المرأة إذا حلفت أن لا تغتسل من جنابة أو من حيض فأصابها زوجها وحاضت، واغتسلت فهو اغتسال منهما فتحنث في يمينها. هذه الجملة من «المنتقى» ، وروي عن أبي حنيفة رحمه الله فيمن قال: إن اغتسلت من زينب فهي طالق أو اغتسلت من عمرة فهي طالق، فجامع زينب ثم جامع عمرة واغتسل فهذا الاغتسال منهما ويقع الطلاق عليهما.
وذكر الشيخ الإمام الزاهد عبد الرحيم الكرميني في «شرح كتاب الصلاة» في باب الغسل والجنابة: أن الحائض إذا أجنبت لا يجب عليها الغسل حتى تطهر من الحيض، وإذا طهرت واغتسلت فظاهر الجواب أنّ الاغتسال منهما. وقال أبو عبد الله الجرجاني: يكون من الأول دون الثاني، وكذلك الرجل إذا رعف ثم بال فالوضوء يكون من الأول عند أبي عبد الله الجرجاني.
فالحاصل: أنّ على قول أبي عبد الله الجرجاني إذا اجتمع الحدثان فالوضوء بعدهما يكون (من) الأول اتحد الجنس أو اختلف. وقال الفقيه أبو جعفر الهندواني رحمه الله: إن اتحد الجنس بأن بال ثم بال أو رعف ثم رعف وأشباه ذلك فالوضوء من الأوّل وإن اختلف الجنس بأن بال ثم رعف فالوضوء يكون منهما.
وقال الشيخ الإمام الزاهد عبد الرحيم: ... أن الوضوء من الحدثين إذا استويا في الغلظة والخفة، وإذا كان أحدهما أغلظ فالوضوء من أغلظهما كما إذا رعف أو بال ثم أجنب وقد وجدنا الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله أن الوضوء يكون منهما، ورجعنا إلى قوله.
وفائدة هذه الاختلاف إنما تظهر في مسألة الحلف التي ذكرناها، فإذا حلف أن لا يتوضأ من الرعاف ورعف ثم بال وتوضأ حنث في يمينه بلا خلاف، أمّا على قول أبي عبد الله الجرجاني فلأنه يعتبر الوضوء من أول الحدثين، والأول الرعاف، وعلى قول أبي جعفر الوضوء منهما عند اختلاف الجنس، وقد اختلف الجنس، وعلى ظاهر الجواب الوضوء من الحدثين جميعاً في الأحوال كلها ينصرف، فيصير متوضئأ من الرعاف وهو شرط الحنث، وإن بال أولاً ثم رعف وتوضأ، فعلى قول أبي عبد الله لا يحنث في يمينه، لأن الوضوء عنده وقع عن البول لا عن الرعاف؛ لأن البول أولهما، وعلى ظاهر الجواب