لزمني الأمر بالمعروف، فأما سلام الله تعالى عليهم دعاء ليس بتسليم فلا يلزمهم شيء، ولا يلزمني الأمر بالمعروف، فأختار سلام الله تعالى، لهذا اختلف المشايخ في التسليم على الصبيان، قال بعضهم: لا يسلم عليهم، وهو قول الحسن؛ وهذا لأن رد السلام فرض، والصبي لا تلزمه الفرائض، فلا يلزمه رد السلام، فلا يسلم عليه لهذا، وقال بعضهم: التسليم عليهم أفضل، وهو قول شريح، قال الفقيه: وبه نأخذ، وقد روي عن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كنت مع الصبيان إذ جاء رسول الله، وسلم علينا.
وأما التسليم على أهل الذمة، فقد اختلفوا فيه أيضاً؛ قال بعضهم: لا بأس به لما روي عن أبي إمامة الباهلي رضي الله عنه أنه قال: «أمرنا رسول الله عليه السلام بإفشاء السلام على كل مسلم ومعاهد» ، وقال بعضهم: لا يسلم عليهم لما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالتسليم» ، وعن علي رضي الله عنه أنه قال: لا يسلم على اليهود والنصارى والمجوس، وهذا إذا لم يكن للمسلم حاجة إلى الذمي، وإن كان له حاجة، فلا بأس بالسلام عليه؛ لأن النهي عن السلام عليه لتوقيره، ولا توقير للذمي إذا كان السلام لحاجة. ويكره مصافحة الذمي؛ لأن فيه توقير الذمي، ولا بأس برد السلام على أهل الذمة، ولكن لا يزاد على قوله: وعليكم، روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي عليه السلام أنه قال:«إن اليهود إذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم» ، قال الفقيه أبو الليث: إذا مررت بقوم وفيهم كفار؛ فأنت بالخيار؛ إن شئت قلت: السلام عليكم، وتريد به المسلمين، وإن شئت قلت: السلام على من اتبع الهدى، قال مجاهد: إذا كتبت إلى اليهودي، وإلى النصراني في حاجة، فاكتب: السلام على من اتبع الهدى.
وإذا دخل الرجل بيته يسلم على أهل بيته، وإن لم يكن في البيت أحد يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، رواه سعيد عن قتادة.
وإذا مر الرجل بالقارىء، فلا ينبغي أن يسلم عليه؛ لأنه يشغله عن قراءة القرآن، فإن سلم مع ذلك تكلموا فيه، واختار الصدر الشهيد رحمه الله أنه يجب عليه الرد، وهكذا حكى اختيار الفقيه أبي الليث؛ بخلاف السلام وقت الخطبة، هكذا ذكر رحمه الله في «واقعاته» ، ورأيت في «فوائد» الفقيه أبي جعفر: إذا سلم رجل على الذي يصلي، أو يقرأ القرآن؛ روي عن أبي حنيفة أنه يرد السلام بقلبه، وعن محمد أنه يمضي على