اللبس، وذلك من عادة المسرفين، وأبو حنيفة رضي الله عنه يقول: النص ورد بتحريم اللبس، والنوم عليه دون اللبس في الاستعمال فلا يلحق به، ولأنا أجمعنا على أن القليل من الملبوس حلال، وهو ما قلنا من الأعلام فكذلك من اللبس والاستعمال؛ وهذا لأن التوسد والنوم عليه وافتراشه استعمال على سبيل الامتهان، فقصر معنى الاستعمال والتزين فيه، فلم يبعد حكم التحريم من اللبس الذي هو استعمال كامل إليه؛ بل كان تقليل الملبوس أشبه ليصير سبباً للرغبة في الآخرة.
وفي «المنتقى» ابن سماعة عن محمد رحمه الله: وليس القعود على الحرير والديباج كاللبس فإن أراد بقوله: ليس القعود على الحرير والديباج كاللبس نفي الكراهة عن القعود أصلاً جاء عن محمد روايتان؛ فإن ظاهر مذهبه أن القعود على الديباج مكروه، وإن أراد به إثبات التفاوت في الكراهة لا يصير في المسألة روايتان؛ بل كل واحد منهما مكروه، إلا أن اللبس أشد كراهة؛ لأن الاستعمال فيه أكثر.
وفي «شرح القدوري» عن أبي يوسف: أنه قال: أكره ثوب القز يكون بين الفرو وبين الظهارة، ولا أرى بحشو القز بأساً؛ وذلك لأن الثوب إذا كان بين ثوبين فهو ملبوس، ولبس الحرير لا يجوز للرجال، فأما الحشو ليس بملبوس إذ ليس منه عليه شيء فلا يكره عند أبي حنيفة رضي الله عنه لهذه العلة. وعندهما ليس بملبوس ولا مفروش فلا يكره.
وعنه أيضاً: وما كان من الثياب الغالب عليه غير القز كالخز ونحوه فلا بأس بلبسه للرجال، وما كان ظاهره قزاً فهو مكروه، وكذا ما كان خط منه قز وخط منه خز وهو ظاهر فهو مكروه.
وفي «شرح القدوري» أيضاً: عن أبي حنيفة: أنه قال: لا بأس بالفراء كلها؛ السباع وغير ذلك الميتة المدبوغة والذكية، وقال: دباغه ذكاته؛ وهذا لأن الجلود كلها تطهر بالدباغ إلا جلد الإنسان والخنزير. والأصل فيه قوله عليه السلام:«أيما إهاب دبغ فقد طهر» ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يتوضأ من ماء في شن فقيل: إنه جلد حمار ميت، فقال عليه السلام:«أليس في الشب والقرظ ما يطهره، فإنما يلبس عيناً طاهراً أفلا يكون به بأساً» .
الجبة إذا كانت كفافها من ديباج هل يكره للرجال لبسها؟ اختلف المشايخ فيه، وذكر الطحاوي في «شرح الآثار» حديثين أحدهما يدل على الكراهة، والآخر يدل على عدم الكراهة، وذكر الشيخ الإمام شيخ الإسلام في شرح «السير الكبير» الصحيح أنه لا