الكنيسة، ولم يفصل بين القرى والأمصار، ولأن في إحداث الكنيسة إعلان دينهم، وهم كما منعوا عن إعلان دينهم في المصر منعوا عنه في القرى؛ ألا ترى أنهم يمنعون عن إظهار بيع الخمور والخنازير، وعقود الربا في القرى كما يمنعون عنها في الأمصار.
وجه ظاهر الرواية: أن إحداث الكنيسة والبيعة تصرف مباح بنفسه؛ لأنه بناء وعمارة بمكان، وإنه مباح في الإسلام، ألا ترى أنه لو وجد مثل ذلك من المسلم كان مباحاً، وإنما الحرمة بقصدهم أن هذا البناء للبيعة والكنيسة (٩٤أ٢)
فكان هذا الفعل مباحاً لعينه حراماً لغيره، وهو قصد الفاعل، فلو كان مباحاً من كل وجه تركوا في الأمصار والقرى كبناء الدار، ولو كان حراماً لعينه كبيع الخمر والخنزير لمنعوا عنه في المواضع كلها، فإذا كان مباحاً لعينه حراماً لغيره منعوا عنها في المصر اعتباراً لجانب الحرمة، ولم يمنعوا عنها في القرى اعتباراً لجانب الإباحة، وكان العمل على هذا الوجه أولى من العمل على العكس؛ لأن للمصر حرمة زائدة ليست للقرى، فإنها إقامة الجمع والأعياد وجلوس المفتي والقضاء بخلاف بيع الخمر؛ لأنه حرام لعينه؛ ألا ترى أنه لو وجد من المسلم كان حراماً ومعصية، وهم منعوا عن إظهار المعاصي في دار الإسلام؛ المصر والقرى في ذلك على السواء ولا كذلك بناء البيعة والكنيسة على ما ذكرنا.
فأما الكنائس القديمة والبيع القديمة في الأمصار والقرى ذكر في عامة الكتب أنها تترك على حالها ولا تنقض، وفي كتاب العشر والخراج من «الأصل» : يشير إلى أنها تهدم، وهو قول الحسن، والصحيح ما ذكر