وغيره. قال: أراد به أن يكون مقدم سروجهم مثل مقدم سروجنا، ثم تكون عليه الرمانة.
ويمنعون عن لبس الرداء والعمائم التي يلبسها علماء الدين؛ لأن فيه شرفاً، وكذلك يمنعون أن يكون شراك نعالهم كشراك نعالنا، وكذلك يمنعون أن تكون خفافهم كخفافنا، ونعالهم كنعالنا، وينبغي أن يؤخذوا حتى يأخذ كل واحد منهم مثل الخيط بعقد ليكون ذلك علامة فلا نعظمهم، وينبغي أن يكون ذلك الخيط غليظاً، ولا يكون رقيقاً؛ بحيث لا يقع عليه البصر؛ إلا أن يبالغ في النظر، وينبغي أن لا يكون من الإبريسم؛ لأن ذلك من باب التزين والتجمل.
ثم اختلف المشايخ أن المخالفة بينهم وبيننا شرط بعلامة واحدة، أو بعلامتين، أو بثلاث علامات، قال بعضهم: العلامة الواحدة تكفي إما على الرأس كالقلانس الطحال المصرية، أو على الوسط كالنسيج، أو على الرجل كالنعل والمكعب على خلاف نعالنا ومكاعبنا، وبعضهم قالوا: لابد من العلامات الثلاث، وبعضهم قالوا في النصراني: يكتفى بعلامة واحدة، وفي اليهودي: يشترط علامتان، وفي المجوسي: يشترط ثلاث علامات، وذكر شيخ الإسلام أنه يشترط الثلاث في حق كل شخص، وكان الحاكم الإمام أبو محمد الكوفي يقول: إن كان صالحهم الإمام وأعطاهم الذمة لعلامة واحدة، فلا يزاد على ذلك، فأما إذا فتح بلدة عنوة وقهراً كان للإمام أن يلزمهم العلامات الثلاث، وكذلك في الهيئات من حيث المركب والملبوس وغير ذلك مما ذكرنا من الجواب فيما إذا فتح بلدة عنوة، فأما إذا فتحت صالحاً، وأعطاهم الصلح على بعض ما ذكرنا لا يزاد على ما وقع عليه الصلح وهو الصحيح.
ولا ينبغي أن يتركوا أن يحدثوا بيعة وكنيسة في مصر من أمصار المسلمين؛ لأن في إحداث البيع والكنائس إعلان دين الكفر، وقد منعوا من إعلان دينهم، فإنا إنما أعطيناهم الذمة بشرط أن لا يعلنوا ما في دينهم. فإن أرادوا أن يحدثوا ذلك في القرى؛ روى الحسن عن أبي حنيفة: أنهم يمنعون عنه، وفي ظاهر الرواية: لا يمنعون عنه، فإن أحدثوا بيعة في قرية من القرى، ثم بنى فيها أبنية كثيرة فمصرها الإمام، فالإمام ينقض ذلك، وكذلك لو أحدثوا كنيسة بقرب مصر، وبني هناك أبنية حتى اتصل ذلك الموضع بالمصر، وصار كمحلة من محال المصر، فإن الإمام ينقض ذلك كله، ويضمن لهم قيمة ذلك ليشتروا موضعاً ويبنوا فيه مثلها، أو يعوض لهم مكاناً آخر فارغاً حتى يبنوا فيها مثلها، هذا جواب ظاهر الرواية. وعن أبي حنيفة رضي الله عنه في هاتين الصورتين: أن الإمام لا ينقض ذلك.
وجه رواية الحسن قوله عليه السلام:«لا خصاء ولا كنيسة في الإسلام» وأراد الإحداث، فإن القديمة يجوز تركها في القرى، فالنبي عليه السلام نهى عن إحداث