وفي «فتاوى أهل سمرقند» : رجل دخل على السلطان فقدم إليه بشيء مأكول، فإن اشتراه بالثمن أو لم يشتر، ولكن هذا الرجل لا يعلم أنه مغصوب بعينه حل له أكله؛ أما إذا اشتراه بالثمن فلأن العقد يقع على مثل الثمن المشار إليه؛ لا على عين المشار إليه، فلا يتمكن الخبث في المشترى هكذا ذكر، وههنا كلمات تأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى في مسائل الغصب، وأما إذا لم يشترِ، ولكن لا يعلم الداخل أنه مغصوب بعينه، فلأن الأشياء على أصل الإباحة ما لم يعلم دليل الحرمة، فلا يحرم لو علم دليل الحرمة بأن علم بأن هذا الشيء مغصوب بعينه لا يحل له الأكل هكذا ذكر، والصحيح أنه ينظر إلى غالب مال السلطان، ويبنى الحكم عليه على ما ذكرنا قبل هذا.
وفي «فتاوى أهل سمرقند» : لا يباح اتخاذ الضيافة في المصيبة بعد ثلاثة أيام، ويقال فيما بين الناس «سه ديكر» ، وفي «النوازل» : الضيف إذا أعطى اللقمة بعضهم لبعض يعتبر في ذلك تعامل الناس، ويترك القياس بالاستحسان، ولا يجوز أن يعطي سائلاً؛ لأنه لا تعامل فيه. وفي «العيون» : إذا كان الرجل ضيفاً عند إنسان فناول لقمة من طعامه إلى من كان ضيفاً أيضاً؛ قال بعض مشايخنا: لا يحل للمناول أن يفعل ذلك، ولا يحل له الأكل على فوره؛ بل يضعها على المائدة ويأكل من المائدة، وهكذا روي عن محمد، وكثير من المشايخ جوزوا ذلك استحساناً لوجود الإذن عادة، ولا يجوز للضيف أن يعطي من ذلك إنساناً دخل عليهم لطلب إنسان أو حاجة أخرى؛ لأنه لا تعامل فيه، وكذا لا ينبغي له أن يعطي سائلاً؛ لأنه لا تعامل فيه، ولو ناول من المائدة هرة صاحب الدار، أو هرة غير صاحب الدار شيئاً من الخبز، أو قليلاً من اللحم فلا بأس به؛ لأن فيه تعامل، فكان الإذن به ثابتاً عادة، وإن كان شيئاً من الخبز المحرق أما لشبهة، فهو في سعة منه؛ لأن فيه تعامل، وأما رفع الزلة فهو حرام بكل حال إلا أن يأذن صاحب الضيافة بها نصاً.
وفي هبة «العيون» : لو دعا رجل قوماً إلى منزله لضيافة، وفرقهم على الأخونة فليس لأهل إحدى الخوانين أن يتناول من طعام الخوان الآخر؛ لأنه إنما أباح طعام كل خوان لجماعة معينين، فلا تثبت الإباحة في حق غيرهم.
وفي «فتاوى أهل سمرقند» : رجل يأكل خبزاً مع أهله، فاجتمع كسرات الخبز، ولا يشتهيها أهله فله أن يطعم الدجاجة أو البقرة أو الشاة؛ ذكر الشاة والبقر والدجاجة ولم يذكر الكلب والهرة قال: لا ينبغي أن يلقيها في الطريق، أو في النهر إلا إذا وضع لأجل النمل ليأكل، فحينئذٍ يجوزه، هكذا نقل عن السلف.
أب الصبي إذا أهدى إلى معلم الصبي أو إلى مؤدبه في العيد إن لم يسأل ولم يلح عليه لا بأس به؛ لأنه بر وبر المعلم مستحب، وأما أجرة المعلم فنقول: لا بأس بها في زماننا، وسيأتي ذلك في كتاب الإجارات مع ما يجانسها.
وحكي عن الإمام أبي الليث الحافظ أنه كان يقول: كنت أفتي بثلاثة أشياء، ورجعت عنها؛ كنت أفتي أنه لا يحل للمعلم أخذ الأجر على تعليم القرآن، وكنت أفتي أنه لا ينبغي للعالم أن يدخل على السلطان، وكنت أفتي أن لا ينبغي لصاحب العلم أن