وقال بعضهم: إن أوجب نقصان نصف القيمة فهو فاحش وما دونه يسير، وبعضهم قالوا: الفاحش ما لا يصلح لثوب ما، واليسير ما يصلح، قال شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله: قالوا: ما ذكر من التحديد من هذه الوجوه الثلاثة لا يصح بدليل مسألة قطع القميص على الوجه الذي قلنا.w
والثوب بعدما قطع قميصاً يصلح للقميص إن كان لا يصلح للفساد أمثاله، والساقط من القيمة أقل من النصف ومن الربع مع هذا اعتبره محمد رحمه الله فاحشاً، والصحيح من الحد على ما قاله محمد رحمه الله أن الخرق الفاحش ما يفوت بهم بعض العين، وبعض المنفعة بأن فات جنس منفعته، وبقي بعض العين وبعض المنفعة، واليسري من الخرق ما يفوت به شيء من المنفعة، وإنما يفوت الجودة، ويدخل يسير نقصان في المالية، قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: وقد قيل: يرفع في ذلك إلى الخياطين، وأهل الصناعة إن عدوا ذلك نقصاناً فاحشاً فهو فاحش، وإن عدوا ذلك نقصاناً يسيراً (فهو يسير) ، وقال بعضهم: إن كان طولاً فهو فاحش، وإن كان عرضاً فهو يسير؛ قال رحمه الله: والقول الأول أصح.
جئنا إلى مسألة قطع القميص فنقول: قطع القميص خرق فاحش؛ لأنه يفوت به بعض المنافع، وفي الخرق الفاحش صاحب الثوب بالخيار؛ لأن استهلاك من وجه دون وجه، فإن شاء مال إلى جهة الاستهلاك وضمنه القيمة، وإن شاء مال إلى جهة القيام وضمنه النقصان.
قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: القطع أنواع ثلاثة: قطع فاحش غير مستأصل للثوب، وهو باتفاق الحكم فيه ما ذكره، وقطع يسير، وهو أن يقطع طرفاً من أطراف الثوب فلا يثبت فيه الخيار للمالك؛ بل يضمنه النقصان، وقطع فاحش مستأصل للثوب، وهو أن يجعل الثوب قطعاً لا تصلح إلا للخرقة، ولا يرغب في شرائه، وروي عن أبي حنيفة رضي الله عنه في هذا الفصل أن للمالك الخيار؛ إن شاء ترك القطع عليه وضمنه القيمة، وإن شاء أخذ القطع ولا شيء له، وعندهما: له أن يأخذ الثوب ويضمنه النقصان.
وهذه المسألة فرع مسألة الديات؛ إذا قطع يدي عبد إنسان قال الشيخ الإمام السرخسي رحمه الله: والحكم الذي ذكرنا في الخرق في الثوب من تخير المالك إذا كان الخرق فاحشاً، وإمساك الثوب، وأخذ النقصان إذا كان الخرق يسيراً، فهو الحكم في كل عين من الأعيان إلا في الأموال الربوية فإن التعييب هناك فاحشاً كان أو يسيراً، فهو الحكم في كل عين مثلاً كان لصاحبها الخيار بين أن يمسك العين، ولا يرجع على الغاصب بشيء، وبين أن يسلم العين له ويضمنه مثله أو قيمته؛ لأن تضمين النقصان يتعذر؛ لأنه يؤدي إلى الربا، وإذا قطع الثوب قميصاً، أو لم يخطه، فإن خاطه ينقطع حق المالك.
وإذا غصب دابة وقطع يدها أو رجلها فلا خيار للمالك فيها، ويضمنه القيمة ويترك