الدابة عليه، وكذلك لو كانت شاة أو بقرة، فذبحها أو قطع يدها، أو رجلها كان الجواب كذلك، قال شمس الأئمة الحلواني: ويستوي أن تكون الشاة للغاصب أو غيره وهو الصحيح، فقد روي في رواية أخرى في مأكول اللحم للمالك الخيار، ولم يذكر محمد رحمه الله في مسألة (١١٣ب٢) الشاة ما إذا أراد المالك أن يأخذ الشاة بعد الذبح، ولا يضمنه النقصان هل له ذلك؟ وروى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنه أن له ذلك، قال شيخ الإسلام: وقد ذكر محمد في كتاب «الغصب» ما يدل على هذا، فإنه قال: ضمن.
غصب عصيراً فصار خلاً عنده، ثم جاء المالك كان بالخيار، إن شاء ضمن عصيراً مثل عصيره، وإن شاء أخذ الخل، وبعدما صار خلاً لم يبق فيه شيء من منافع العصير، كالشاة بعد الذبح، ثم أثبت للمالك حق الأخذ إن شاء، فهذا يدل على أن في الشاة المذبوحة له ذلك؛ لأن الذبح والسلخ زيادة، وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: والصحيح أنه ليس له ذلك، أشار إلى أن حق المالك ينقطع بمجرد الذبح، وإنه يخالف ظاهر الرواية.
وفي «المنتقى» : هشام عن محمد رحمه الله: رجل قطع يد حمار أو رجل حمار وكان لما بقي قيمة فله أن يمسكه، ويأخذ النقصان، ولا يسلم إليه الجلد، فإن كان لجلد الحمار ثمن فله ذلك، وإن كان قتله فليس له ذلك، قال هشام: لأن ذبحه بمنزلة الدباغ.
وفي «النوادر» : إذا قطع أذن الدابة أو بعضه يضمن النقصان، وجعل قطع الأذن من الدابة نقصاناً يسيراً، وكذلك لو قطع ذنبها يضمن النقصان، وعن شريح رحمه الله: إن قطع ذنب حمار القاضي يضمن جميع القيمة، وإن كان لغيره يضمنه النقصان لا غير.
استهلك قلب فضة إنسان وأحرقه؛ يضمن قيمته مصنوعاً من الذهب؛ لأن الصناعة في مال الربا تضمن مع الأصل بالإتلاف كالجودة، ولا يمكن إيجاب قيمته مصنوعاً من جنسه؛ لأنه ربا ولا يمكن إيجاب مثله مصنوعاً؛ لأنه ليس من ذوات الأمثال، فيتعين إيجاب القيمة مصنوعاً من خلاف الجنس، فإن وجده صاحبه مكسوراً فهو بالخيار؛ لأن الكسر عيب فاحش، وإن رضي به لم يكن له فضل ما بين المكسور والصحيح؛ لأنه ربا، وإذا أراد القاضي أن يضمن الغاصب قيمته ضمنه مصنوعاً من الذهب، وكذلك كل إناء مصنوع كسره رجل إن من فضة فعليه الذهب.
وإن كسر درهماً أو ديناراً، فعليه مثله والمكسور للكاسر، قال شيخ الإسلام: قال مشايخنا: هذا إذا كان الكسر ينقص من ضربه، وأما إذا كان الكسر لا ينقص من ضربه ليس له إلا ذلك المكسور؛ لأن ما هو المقصود من الدراهم والدنانير تام بعد الكسر على حاله لم ينقص، وهذا كما قلنا من كسر رغيف إنسان ليس لصاحبه إلا المكسور لما قلنا ههنا، قال شمس الأئمة السرخسي: عليه مثله، وإن شاء صاحبه أخذه، ولم يرجع عليه يشيء، سواء انتقصت ماليته بالكسر أو لم تنتقص.
غصب من آخر جارية شابة، فكانت عنده حتى صارت عجوزاً، فإن لصاحبها أن يأخذها وما نقصها، وكذلك لو غصب غلاماً شاباً، فكان عنده حتى هرم أخذه صاحبه