ومحمد: للمالك الخيار؛ إن شاء ضمنه مثل حقه، وإن شاء شاركه في المخلوط، وأجمعوا على أنه لو غصب دهن جوز وخلط بدهن بزر أن المخلوط يصير ملكاً للخالط.
وخلط يتأتى معه التمييز، وهو على نوعين: نوع يحتاج فيه إلى كلفة، ومشقة للتميز كخلط الحنطة بالشعير، والجواب في هذا النوع عندهما كالجواب في النوع الأول في ظاهر الرواية، وبه أخذ بعض المشايخ، وروى الحسن عن أبي حنيفة: أن قوله في هذا النوع كقولهما، وبه أخذ بعض المشايخ، وإليه أشار في كتاب الغصب في أول كتاب الوديعة فإنه قال: إذا كان الخالط أجنبياً، ولا يظفر به فلهما أن يبيعا، وأن يكون لهما حق البيع إذا كان مشتركاً بينهما.
أما إذا كان ملك الخالط لا يمكنهما البيع، من المشايخ من قال: ما ذكر من الجواب في تلك المسألة قول أبي يوسف ومحمد، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، أما على ظاهر رواية أبي حنيفة رضي الله عنه (١١٦ب٢) لا يكون لهما حق البيع، ومنهم من قال: ما ذكر ثمة قول الكل وهو الأصح، والعذر لأبي حنيفة على ظاهر الرواية أن حق البيع لهما في تلك الصورة ما كان باعتبار أن المخلوط لم يصر ملكاً للخالط، بل باعتبار أن المخلوط، وإن صار ملكاً للخالط فحقهما لم ينقطع عنه بل يتوقف تمام الانقطاع على وصول البدل إليهما.
ألا ترى أنه لا يحل للخالط الانتفاع بالمخلوط ما لم يؤدِّ البدل إليهما، وإذا بقي حقهما قلنا إنه يباع المخلوط لإبقاء حقهما كالمبيع يباع عند تعذر استيفاء الثمن من المشتري لعينه كذا ههنا. ومن المشايخ من قال على قول أبي حنيفة رضي الله عنه في هذا الخلط قياس واستحسان، القياس: أن يصير المخلوط ملكاً للخالط، وفي الاستحسان: لا يصير.
ونوع لا يحتاج إلى التمييز فيه إلى كلفة ومشقة كخلط البيض بالسود، والدراهم بالدنانير، وفي هذا النوع لا يجب الضمان على الخالط، ولا يصير المخلوط ملكاً للخالط بالإجماع.
في «المنتقى» : قال هشام: سألت محمداً رحمه الله عن رجل غصب من رجل ألف درهم، وخلطهما درهماً من ماله، قال: مذهب أبي يوسف في هذا أن دراهم الخالط إذا كان أكثر، فهو مستهلك ضامن للدراهم المغصوبة، وإن كان دراهم الخالط أقل، فالمغصوب منه بالخيار إن شاء ضمنه دراهم، وإن شاء شاركه في المخلوط بقدر دراهمه قلت: فإن كانا سواء، فما مذهب أبي يوسف؟ فقال: لا أدري، وأما في قولنا: المغصوب منه بالخيار على كل حال؛ إن شاء ضمن الغاصب دراهمه، وإن شاء كان شريكاً فيها.h
وفيه أيضاً هشام عن محمد: إذا كان مع رجل سويق، ومع رجل آخر سمن أو زيت فاصطدما فانصب زيت هذا أو سمنه في سويق هذا، فإن صاحب السويق يضمن لصاحب السمن أو الزيت مثل كيل زيته أو سمنه؛ لأن صاحب السويق استهلك سمن هذا، ولم يستهلك صاحب السمن سويق هذا؛ ولأن هذا زيادة في السويق.