وإن كان مع أحدهما سويق، ومع الآخر نورة، فاصطدما فانصب سويق هذا في نورة هذا، فإن شاء صاحب السويق أخذ سويقه ناقصاً، وأعطى الآخر مثل نورته، وإن شاء ضمن صاحب النورة مثل كيل سويقه، وسلم له سويقه، وضمن صاحب السويق لصاحب النورة مثل كيل نورته؛ لأن كل واحد منهما جانٍ، وإن فعل ذلك غريب وذهب، فليس لصاحب النورة على صاحب السويق شيء؛ لأن النورة لم تزد في سويقه بل نقصه، والسويق لصاحب السويق.
وفي «القدوري» صب ماء في طعام فأفسده، وزاد في كيله، فلصاحب الطعام أن يضمنه قيمته قبل أن يصب فيه الماء، وليس له أن يضمنه طعاماً مثله، وكذا لو صب ماء في دهن أو زيت؛ لأن الطعام المبتل والدهن الذي صب في الماء لا مثل له، فيغرم القيمة، ولا يجوز أن يغرم مثل كيله قبل صب الماء؛ لأنه لم يكن منه غصب مقدم؛ حتى لو غصب ثم صب عليه الماء فعليه مثله.
وفي «المنتقى:» عن محمد رحمه الله رجل معه دراهم ينظر إليها، فوقع بعضه في دراهم رجل، فاختلط، كان ضامناً لها؛ قال: لأن هذا جناية منه، وإن لم يتعمد.
نوع منه
ذكر في «فتاوى أبي الليث:» دجاجة ابتلعت لؤلؤة رجل؛ ينظر إلى قيمة اللؤلؤة، وإلى قيمة الدجاجة أيهما أكبر يخير صاحبها؛ إن كانت قيمة اللؤلؤة أكثر يقال لصاحبها: إن شئت فأعط قيمة الدجاجة واذبحها، وإن شئت فتربص إلى أن تخرج اللؤلؤة منها.
وإن كانت قيمة الدجاجة أكثر؛ يقال لصاحبها: إن شئت فأعط قيمة اللؤلؤة، وإلا فاذبح الدجاجة، وهكذا الجواب في الأترجة إذا دخلت في قارورة الإنسان وكبرت، ولو أدخل رجل أترجة رجل في قارورة رجل، فكبرت الأترجة فلا خيار لأحد، وضمن الفاعل لصاحب الأترجة قيمة الأترجة، ولصاحب القارورة قيمة القارورة، وتكون الأترجة والقارورة له بالضمان.
وفيه أيضاً: شجرة قرع نبتت في أرض رجل، فصارت في حب رجل، وانعقدت فيه حتى عظمت، ولم يتمكن إخراجها إلا بكسر الحب أو القرع؛ ينظر إلى أكثرهما قيمة يقال لصاحبه: أد قيمة الآخر وتملكه وإن باعا الحب والقرع جاز، ويضرب كل واحد منهما من الثمن بقيمة سلعته.
وفي كتاب الحيطان: دخل قرن الشاة في قدر ... وتعذر إخراجه، ينظر أيهما كان أكثر قيمة من الآخر، فيؤمر صاحب أكثرهما قيمة بدفع قيمة الآخر إلى صاحبه، ويتملك مال صاحبه، ويكون مخيراً بعد ذلك يتلف أيهما شاء، وكذلك إذا كان للمستأجر حب في الدار المستأجرة لا يمكن إخراجه إلا بهدم شيء من الحائط؛ ينظر أيهما أكثر قيمة، ما ينهدم من الحائط بإخراج الحب، أو الحب.