الغاصب بقيمة المغصوب، وهو اللحم، ولو كان المستحق أقام البينة أن اللحم كان له قبل أن يشويه، أو كان الثوب له قبل أن يخيطه، أو كانت الحنطة له قبل الطحن؛ لم يرجع المغصوب منه على الغاصب بشيء؛ لأن هذا قضاء بالملك من الأصل، فتبين أن الغاصب لم يغصب مال المغصوب منه؛ هذه المسائل مع أجناسها في الباب الثامن من بيوع «الجامع» .
(حمل) على حمار غيره شيئاً بغير أمره، فتورم ظهر الحمار، فشق رب الحمار الورم، فانتقص قيمة الحمار، فإنه يتلوم بالحمار؛ إن اندمل من غير نقصان، فلا ضمان على الذي غصب، وإن اندمل مع النقصان ينظر؛ إن كان النقصان من الورم، فضمان ذلك على الغاصب، وكذا إذا مات كان الجواب كما قلنا، فإن اختلفا، فقال صاحب الحمار الموت كان من الورم، وقال الغاصب: كان من الشق، فالقول قول الغاصب مع يمينه.
في غصب «فتاوى أبي الليث» : إذا استهلك رجل أحد مصراعي باب غيره أو أحد زوجي خف غيره، أو ما أشبه ذلك؛ كان للمالك أن يسلم الباقي، ويأخذ قيمتهما منه، في «الجامع» في باب بيع الشيئين المزدوجين كأنهما شيء واحد.
وفي «المنتقى» عن أبي يوسف: رجل استهلك فرو نعل لرجل لم يضمن إلا قيمة ما استهلك، ولا يدفع إليه الأخرى، ويضمنهما جميعاً قال: وكذلك لو أحرق مصراعاً لرجل أو أخذ جصه قال: أرأيت لو كسر حلقة خاتم فيها فص قيمته مائة أكنت أضمن الفص والخاتم؟ لا أضمن إلا ما استهلك؛ قال ثمة: وكسر.... بسرج ضمنه ولم يضمن السرج؛ لأن هذا يخلص منه بلا ضرر، وكل شيئين مفردين أو ثني واحد يخلص بعضه عن بعض، فلا ضرر؛ مثل..... السرج..... فإنه يضمن ما جنى عليه من ذلك؛ لا يضمن غيره.
إذا جاء الرجل بالحنطة إلى الطحان، ووضعها في صحن الطاحونة، وأمر صاحب الطاحونة أن يدخلها بالليل في بيت الطاحونة، فلم يدخلها في بيت الطاحونة بالليل، وسرقت الحنطة، فإن كان صحن الطاحونة محوطاً بحائط مرتفع مقدار ما لا يرتقى إلا بسلم، فلا ضمان، وإن كان بخلافه وجب الضمان؛ لأنه في هذا الوجه مضيع، وفي الوجه الأول ليس بمضيع.
في «فتاوى أبي الليث» : هدم بيت نفسه، وانهدم من ذلك بيت جاره فلا ضمان.
في «فتاوى أهل سمرقند» : إذا دفع إلى القصار ثوباً ليقصره فلف القصار في الثوب الخبز وذهب به حيث تقصر الثياب، فسرق الثوب منه، فإن لف الثوب على الخبز كما يلف المنديل على ما جعل منه، وعقده، فهو ضامن؛ لأنه استعمله استعمالاً معتاداً، فصار غاصباً، وإن جعل الثوب تحت إبطه، ودس فيه الخبز، فلا ضمان في هذا الموضع أيضاً.