للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدعي؛ لا تسمع دعواه، وإن شهود مدعي المفاوضة شهدوا أنه مفاوضة، وأن المال في يده، أو شهدوا أنه مفاوضة، ولم يزيدوا على هذا سمعت دعواه، وقبلت بينته عند محمد؛ خلافاً لأبي يوسف.

وجه قول محمد: أن القضاء بالمال بينهما في هذين الوجهين ما كان بحكم الشهادة؛ لأن الشهود لم يتعرضوا للمال، وإنما كان بحكم الظاهر؛ لأن الظاهر ما في يد أحد المتفاوضين يكون بينهما، والقاضي متى خصه بظاهر المال؛ لا يمنع دعوى المقضي عليه للمقضى به، وإن لم يدع تلقي الملك من جهة، الدليل عليه: مسألة البناء والأشجار، وهي في آخر كتاب الشهادات.

والدليل عليه فصل الإقرار؛ إذا أقر المدعى عليه أنه مفاوضة، ولم يزد على هذا؛ ثم ادعى أن يقضى ما في يده ميراثاً له، أو هبة، أو صدقة من جهة غير المدعي، وأقام على ذلك بينة؛ قبلت بينته وطريقه ما قلنا، ولأبي يوسف: أن القضاء بالمناصفة حصل بالبينة؛ لأن الشهود، وإن شهدوا عقد المفاوضة صورة؛ إلا أن الشهادة لعقد المفاوضة في حق القضاء حصلت شهادة بموجب المفاوضة، وهو المفاوضة إذا لم يجعل كذلك لبطلت الشهادة؛ لأن القضاء بالعقد متعذر لانفساخه بالإنكار، ولما جعل الشهادة.... كانت المفاوضة مقضياً بها بالبينة.

وأما مسألة البناء والأشجار: فمن مشايخنا (١٣٩ب٢) من قال: هي على الخلاف، ومنهم من فرق بينهما على قول أبي يوسف، وهو الصحيح.

والفرق: أن القضاء بالأشجار والبناء حصل بحكم الظاهر؛ يعني به ظاهر الاتصال لا بالبينة؛ لأن شهادتهم بالأرض لم تجعل كناية عن الشهادة بالبناء؛ لأن العمل بحقيقة ما شهدوا في الأرض ممكن؛ أما ههنا بخلافه، وبخلاف الإقرار؛ لأن الإقرار بالمفاوضة لم يجعل كناية عن موجبها؛ لأن العمل بحقيقة الإقرار بالمفاوضة ممكن، فكان القضاء بالمناصفة هناك بحكم الظاهر.

ولو كان المدعى عليه ادعى شيئاً ما بيده بطريق التلقي من المدعي؛ سمعت دعواه وقبلت بينته في الوجوه كلها؛ لأن صيرورته مقضياً عليه لا يمنع دعوى تلقي الملك من جهة المقضي له.

وإذا مات أحد المفاوضين، والمال في يد الحي، فادعى ورثة الميت المفاوضة، وجحد الحي ذلك، وأقام ورثة الميت بينة أن أباهم كان شريكه شركة مفاوضة؛ لم يقض لهم شيء ما بيد الحي؛ إلا أن يشهد الشهود أن المال كان في يده حال حياة الميت؛ أو أنه من شركة ما بينهما، وفي حالة الحياة لو شهد شهود المدعي بالمفاوضة في مجلس الدعوى؛ يقضي بالمفاوضة؛ لأن في حالة الحياة عرفنا كون المال في يد المدعى عليه حال قيام المفاوضة بالمعاينة، وبعد الموت لم نعرف كون المال في يد الحي حال قيام

<<  <  ج: ص:  >  >>