المفاوضة؛ حتى لو عرف ذلك بأن شهد الشهود أن المال كان في يد الحي حال الحياة الآن قضى بالمال بينهما، ثم إذا شهد الشهود أن المال كان في يد المدعى عليه حال حياة الميت؛ أو شهدوا أن هذا من شركة ما بينهما، وقضى القاضي بالمال بين الحي وبين ورثة الميت.
لو ادعى الحي شيئاً لنفسه مما في يده بالميراث، أو ما أشبهه، ففيما إذا شهد شهود الورثة أن هذا المال من شركة ما بينهما؛ لا تسمع دعواه بلا خلاف؛ ففيما إذا شهدوا أنه كان في يده حالة حياة أبيهم المسألة على الخلاف بين أبي يوسف ومحمد.
وإذا افترق المتفاوضان ثم ادعى أحدهما أن شريكه كان شريكه بالنصف، وادعى الآخر الثلث، وقد اتفقا على المفاوضة، فجميع المال بينهما نصفان؛ لأن الذي يدعي التفاوت متناقض أو راجع عن إقراره بالمناصفة فيقتضي إقراره بالمفاوضة، وإن كان في يد أحدهما..... فذلك...... في يديه، ولا يجعل في الشركة استحساناً؛ لأن هذه الأشياء مستثنى عن عقد المفاوضة، فالإقرار بالمفاوضة لا يكون إقراراً بهذه الأشياء، بقي مجرد الدعوى.
وإذا ادعى رجل على غيره أنه شريكه شركة مفاوضة، وأن المال الذي في يده بينهما أثلاثاً، الثلثان لي، والثلث له، والمدعى عليه يجحد المفاوضة أصلاً، فأقام المدعي البينة على نحو ما ادعاه، لا تقبل هذه الشهادة قياساً.
وفي الاستحسان: تقبل على أصل المفاوضة، واختلف عامة المشايخ لوجه الاستحسان، فعبارة بعضهم: أن المدعي بدعوى المفاوضة، وإن أكذب شهوده فيما شهدوا من المالية إلى أن قضية المفاوضة التساوي، إلا (أن) هذا إكذاب معنى لا لفظاً، وأنه لا يمنع قبول الشهادة، فعلى قول هذا القائل: لو كان المدعي ادعى المفاوضة، والمناصفة، وشهد الشهود بالمالية؛ لا تقبل الشهادة قياساً واستحساناً، وعبارة بعضهم: أنه لا حاجة للشهود لإتمام الشهادة إلى ما ذكروا من المبالغة فتلغى تلك الزيادة، وتبقى الشهادة على أصل المفاوضة، ولأن من الناس من يقول: المفاوضة مع التفاوت في المال جائزة، فلعل الشهود ممن يعتقدون ذلك، ففسروا الشهادة بناء على ما اعتقدوا، ولكن القاضي يقضي بما ثبت عنده بناء على اعتقاده؛ لا على اعتقاد الشهود، وعلى قدر هذين التعليلين يبقى أن تقبل الشهادة على أصل المفاوضة؛ متى ادعى المدعي المناصفة على جواب الاستحسان.
وإن ادعى المفاوضة وأشهد الشهود بالإتلاف، وقال المدعي بعد ذلك: كانت كذلك، فعلى القياس والاستحسان؛ لأن البيان المتأخر عن الكلام عليه وقت الإجمال إذا افترق المتفاوضان، وأقام أحدهما بين أن المال كان كله في يد صاحبه، وأن قاضي كذا وكذا قد قضى بذلك عليه وهو المال، وإنه قضى به بينهما نصفان، وأقام الآخر بينة على