صاحبه بمثل ذلك من ذلك القاضي بعينه أو من غيره، فإن كان ذلك من قاضٍ واحد، وعلمنا التاريخ بين القضاءين أخذنا بالآخر، وهو رجوع عن الأول؛ لأن الجمع بين القضاءين متعذر، فلا بد من القضاء بأحدهما، فقضي بأحدهما، ويجعل إقدامه على القضاء الثاني وهو عالم بقضائه رجوعاً عن القضاء الأول؛ بأن ظهر له الخطأ في القضاء الأول، وإن كان ذلك من قاضيين، وعلم التاريخ بينهما أو لم يعلم؛ لزم كل واحد منهما القضاء الذي أنفذه عليه، ويحاسب كل واحد منهما صاحبه بما عليه، ويترادان الفضل؛ لأن الجمع بين القضاءين، وإن كان متعذراً؛ ليس أحدهما بتعينه للبطلان بأولى من الآخر؛ أما إذا لم يعلم التاريخ بينهما فظاهر، وأما إذا علم؛ فلأن إقدام القاضي الثاني على قضائه لا يمكن أن يجعل إبطالاً لقضاء القاضي الأول؛ إذ ليس له ولاية إبطال قضاء القاضي؛ بخلاف ما إذا كان القاضي واحداً، وعلم التاريخ بين القضاءين، (وكذلك إذا كان القاضي واحداً، وعلم التاريخ بين القضاءين) ؛ وكذلك إذا كان القاضي واحداً ولم يعلم التاريخ بين القضاءين، كان الجواب كالجواب فيما إذا كان ذلك من قاضيين؛ لأنه لا يعلم الباطل من الصحيح؛ ههنا.
وإذا مات المتفاوضان، واقتسم الورثة جميع ما تركا ثم وجدوا مالاً كثيراً، فقال أحد الفريقين: هذا لنا وكان في قسمتنا، وكذبه الفريق الآخر وقال: إنه لم يكن في قسمتكم وإنه مشترك بيننا فهذا على وجهين: إن كان المال في المنكرين، فالمال بينهما نصفان، وإن كان في يد المدعين إن أشهدوا بالبراءة، من كل شرك بينهما، فالمال للمدعين؛ لأنهما اتفقا على أن هذا المال كان مشتركاً بينهما، وأحدهما منكر انقطاع الشركة، ولم يظهر سبب انقطاع الشركة، فيكون القول قول المنكر.
فأما إذا شهدوا بالبراءة فقد ظهر سبب انقطاع الشركة، فلا يعتبر دعوى الآخر بقاء الشركة؛ هذا الذي ذكرنا إذا اتفقا أن المال كان داخلاً في الشركة؛ لكن ادعى أحدهما أنه دخل في قسمنا، فأما إذا كان المال في أحد الفريقين، فقال الذي في يديه المال: هذا المال كان لأبينا قبل المفاوضة، وكذبهم الفريق الآخر، فالمال بين الفريقين نصفين؛ أشهدوا أو لم يشهدوا بالبراءة؛ فلأن الورثة يقومون مقام المورث.
ولو ادعى المورث حال حياته أن شيئاً مما في يده كان له قبل المفاوضة، وأنكر الآخر، وقال: كان من المفاوضة لا يختص به ذو اليد وكان بينهما إذا لم يكونوا أقروا بالبراءة عن كل شرك؛ كذا ههنا، وإن شهدوا فكذلك؛ لأن في رغم المدعين أن هذا المال لم يدخل تحت البراءة؛ لأنه إنما يدخل تحت البراءة ما كان من الشركة، وقد زعموا أن هذا المال لم يكن من الشركة حيث زعموا أنه (١٤٠أ٢) كان لأبيهم قبل المفاوضة، فكان حكم هذا المال بعد الإشهاد على البراءة، كحكمه قبل الإشهاد عليه.
وإذا شهد الشهود على الإقرار بالمفاوضة منذ عشر سنين، وقبل القاضي شهادتهم، ثبتت المفاوضة منذ عشر سنين وقبل ذلك؛ لأن الثابت من الإقرار بالبينة كالثابت عياناً، ولو عاينا إقرار المشهود عليه بالمفاوضة منذ عشر سنين؛ ثبتت المفاوضة منذ عشر سنين، وقبل ذلك بينهما؛ لأن الإقرار يقتضي سبق المخبرية. فكذا إذا ثبت الإقرار بالبينة. وإن