الثلاثة، وتكون زيادة الربح بمقابلة العمل، والربح يستحق بالعمل، لأن المضارب يستحق الربح بالعمل، وإذا شرط العمل عليهما، فالربح بينهما على ما شرطا وإن عمل أحدهما دون الآخر وإن شرط العمل على الذي شرطا له فضل الربح جاز، وتكون زيادة الربح بمقابلة العمل. ولو شرط العمل على أقلهما ربحاً خاصة لا يجوز؛ لأن الذي شرط عليه العمل شرط لصاحبه جزءاً من ربح ماله من غير أن يكون له فيه رأس المال، أو عمل.
بيان ما ذكرنا فيما ذكر محمد رحمه الله في «الأصل» : إذا ربحا أحدهما بألف درهم، والآخر بألفي درهم، واشترطا على أن الربح بينهما نصفان، والعمل عليهما، فهو جائز، ويصير صاحب الألف في معنى المضارب؛ إلا أن معنى المضاربة تبع لمعنى الشركة، فالعبرة بالأصل دون التبع، فلا يغيرهما اشتراط العمل عليهما، وإن شرط العمل على صاحب الألف، فهو جائز أيضاً، ووجه الجواز ههنا أليق؛ (١٤٠ب٢) لأن صاحب الألف في معنى المضارب لصاحب الألفين، واشتراط العمل على المضارب تصح المضاربة ولا يبطلها.
وإن شرط العمل على صاحب الألفين لا يجوز؛ لأن صاحب الألفين شرط لصاحب الألف جزءاً من ربح ماله من غير أن يكون فيه عمل أو رأس مال، وإن شرط الربح على قدر رأس مالهما أثلاثاً، والعمل من أحدهما كان جائزاً؛ لأن العامل منهما معين لصاحبه في العمل له في ماله؛ حيث لم يشترط لنفسه شيئاً من ربح مال صاحبه، فهو كالمستبضع في مال صاحبه.
وإن شرط الوضيعة والربح نصفان، فشرط الوضيعة نصفان فاسد؛ لأن الوضيعة هلاك جزء من المال، فكأن صاحب الألفين شرط ضمان شيء مما هلك من ماله على صاحبه، وشرط الضمان على الأخر فاسد، ولكن بهذا لا تبطل الشركة حتى لو عملا وربحا، فالربح بينهما على ما شرطا، فالشركة مما لا تبطل بالشروط الفاسدة، وإن وصفا بالوضيعة على قدر رأس مالهما، وأي المالين هلك قبل الشراء به هلك على صاحبه، هلك في يده أو في يد صاحبه، وانتقضت الشركة، وقد ذكرنا هذا في شركة المفاوضة.
وفي «النوادر» : دفع إلى رجل ألف درهم على أن يعمل بها؛ على أن الربح للعامل، والوضيعة عليه، فهلكت قبل الشراء بها، فالقابض ضامن؛ لأن المال في يده قرض، ولو قال: اعمل بها بيني وبينك، على أن الربح بيننا، والوضيعة بيننا، فهلكت قبل أن يعمل، فهو ضامن نصف المال عند محمد، وعن أبي يوسف لا ضمان عليه، وإن اشترى بالمال، ثم هلكت قبل العقد، فعلى الآمر ضمان نصف المال، وعلى المشتري مثل ذلك، فأبو يوسف يقول: نص على الشركة، فكان القبض واقعاً من المنصوص عليها، والقبض بجهة الشركة لا يستدعي ضماناً إلا إذا اشترى، فحينئذٍ يجب عليه ثمن نصف ما اشترى، ومحمد يقول بأنه نص على الشركة في المشترى، والربح، والوضيعة، وهذا لا يكون إلا بعد وجود رأس مال من جهة القابض، فيضمن القابض؛ ألا ترى أنه لو قال: اشترِ بهذه الألف على أن الربح لك كله، فهذا قرض في الكل، فكذا إذا شرط له البعض، وبه ختم.