ولكل واحد منهما أن يشتري بجنس ما عنده على نحو ما ذكرنا في المتفاوضين، وليس لأحدهما أن يكاتب عبداً من الشركة بلا خلاف، ولا يدفع الأمة من الشركة عند أبي حنيفة خلافاً لأبي يوسف، والخلاف في أحد شريكي العنان، وفي المضارب والمأذون سواء، وليس له أن يشارك غيره، وإذا لم يقل له الشريك: اعمل برأيك، وروى الحسن عن أبي حنيفة: أن أحد شريكي العنان إذا شارك غيره مفاوضة بمحضر من شريكه؛ تصح المفاوضة، وتبطل شركته مع الأول، وإن كان بغير محضر من شريكه؛ لم تصح المفاوضة.
في «المنتقى» : أبو سليمان عن أبي يوسف في شريكي العنان؛ لو أشرك أحدهما رجلاً في الدقيق في الشراء، والبيع بغير إذن شريكه؛ جاز عليه وعلى شريكه، وما اشتراه واحد من الثلاثة، فنصفه للدخيل، ونصفه بين الشريكين الأولين، ولو رهن أحد شريكي العنان شيئاً من الشركة بدين خاصة؛ لم يجز إلا برضا صاحبه.
وفي كتاب الرهن يقول: إذا رهن أحد شريكي العنان متاعاً من الشركة بدين عليهما لا يجوز يريد به إذا رهن بدين وجب عليهما بعقدهما؛ لأن الرهن إيفاء كل واحد منهما لا يملك إيفاء الآخر من ماله إلا بأمره، فكذا لا يملك الرهن، وكذلك إذا ارتهن بدين إذا أتاه؛ لأن الارتهان للاستيفاء، وهو لا يملك أن يستوفي ثمن ما وليه صاحبه لنفسه، فإن هلك الرهن في يده، وقيمته والدين سواء وثبت بحصته؛ لأنه يملك استيفاء حصة نفسه، وإن وليه صاحبه، فإذا ارتهن به صار كأنه استوفى كل الدين عند الاستيفاء في حصته، وأما شريكه فهو بالخيار؛ إن شاء رجع بحصته على المطلوب، ويرجع المطلوب بنصف قيمة الرهن على المرتهن، وإن شاء ضمن شريكه حصته من الدين؛ لأن يد المرتهن يد استيفاء فتعتبر بحقيقة الاستيفاء، وأحد شريكي الدين إذا قبض كل الدين؛ كان لصاحبه أن يضمن حصته من الدين، فكذا إذا صار قابضاً بالرهن.
وفي كتاب الشركة يقول: إذا ارتهن بدين ولي المتابعة، فهو جائز في نصيبه، وفي نصيب صاحبه قياساً واستحساناً، وإن ارتهن بدين وليا المتابعة، أو يلي الآخر المتابعة؛ ذكر بعض المشايخ في «شرحه» : أنه لا يجوز في حصة صاحبه قياساً واستحساناً، ويجوز في حصته استحساناً؛ اعتباراً للاستيفاء الحكمي بالاستيفاء الحقيقي.
وذكر شمس الأئمة السرخسي في «شرحه» : أنه لا يجوز أصلاً لا في حصة صاحبه، وهو ظاهر ولا في حصته؛ لأنه لو جاز في حصته كان مشاعاً، والشيوع يمنع صحة الرهن، وهذا إذا فعل بغير أمر صاحبه، فإن فعل بأمر صاحبه جاز الارتهان عليه وعلى صاحبه، وهذا ظاهر به فعل بغير إذن صاحبه، وملك الرهن ثبتت حصته من الدين، أما على قول من قال بجواز الرهن في حصته فظاهر، وأما على قول من قال بعدم الجواز؛ فلأن المقبوض بحكم الرهن الفاسد مضمون كالمقبوض بحكم الرهن الصحيح، ولأنه