الوقف في حسابه أو صحته والفقراء يحصون، لا يجوز هذا الوقف؛ لأن الوقف لا يجوز إلا مؤبداً وهذا لم يقع مؤبداً، بجواز أنهم يموتون فينقطع الوقف، وإن كان الفقراء لا يحصون جاز الوقف؛ لأنه وَقَفَ مؤبداً، وإن كان الوقف بعد موته يجوز، سواء كانوا يحصون (أو لا) أما إذا كانوا لا يحصون لأنه وقع موبداً، وإما إذا كانوا يحصون فلأنه إن تعذر تجويزه وصيته، والوصية لقوم يحصون يجوز حتى إذا انقرضوا صار ميراثا عنهم.
قال الصدر الشهيد في «واقعاته» وينبني علي هذه المسألة مسألة أخرى، رجل قال: وقفت ضيعتي هذه علي فقراء قرابتي، وجعل أجره للمسلمين حتى جاز سواء كانوا يحصون أولا يحصون، فأراد القيم أن يفصل بعضهم على البعض فالمسئلة على ثلاثة أوجه: إما إن كان فقراء قرابته وقريته لا يحصون أو يحصون أو أحد الفريقين يحصون والفريق الآخر لا يحصون (٣ب٣) .
ففي الوجه الأول: للقيم أن يجعل نصف الغلة لفقراء القرابة ونصفها لفقراء القرية ثم يعطي لكل فريق من شاء منهم، ويفضل البعض علي البعض كما شاء؛ لأن قصده الصدقة وفي الصدقة الحكم كذلك.
وفي الوجه الثاني: يصرف الغلة إلى الفريقين بعددهم ليس له أن يفضل البعض على البعض؛ لأن قصده الوصية وفي الوصية الحكم كذلك.
وفي الوجه الثالث: يحعل الغلة بين الفريقين أولاً: فيصرف إلي الذين يحصون بعددهم وإلى الذين لا يحصون بينهم واحد لأن الذين يحصون لهم وصية والذين لا يحصون لهم صدقة، والمستحق الصدقة واحد ثم يعطي هذا السهم من الذين لا يحصون من شاء ويفضل البعض على البعض في هذا السهم كما شاء، وهذا التفريع يتأتى علي قول أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن الفقراء عندهما اسم جنس أما لا يتأتى على قول محمد: إن الفقراء عنده اسم جمع، أصل هذا الاختلاف كتاب الوصايا ذكر الخصاف في باب الوقف الذي لا يجوز إذا قال: أرضي هذه صدقة موقوفة لله تعالى أبداً على الناس، فالوقف باطل والأرض على ملك الواقف، وكذلك إذا قال: على بني آدم أو على أهل بغداد، فإذا انقرضوا فهو علي المساكين، فالوقف باطل؛ لأن أهل بغداد لا ينقرضون، وكذلك لو قال: على الزمنى والعميان فالوقف باطل، وذكر الخصاف هذا العميان والزمني في موضع آخر وقال: الغلة تكون للمساكين ولا تكون على العميان والزمنى، وقال لأنه قال: صدقة موقوفة لله تعالى أبداً وكذلك لو قال: وقف على قراء القرآن أو على الفقهاء فهو باطل لأن الغني فيهم والفقير، ولا يحصون، وفي «وقف هلال» : أن الوقف على الزمني والمنقطع صحيح؛ لأنه يتأبدون ويكون للفقراء منهم دون الأغنياء.
قال مشايخنا: الوقف على معلم المسجد يعلم الصبيان فيه لا يجوز؛ لأنه مجهول ولا يشترط، يعني: لا يشترط فقره في الوقف وبعض مشايخنا قالوا: يجوز؛ لأن عامتهم الفقراء والفقير منهم غالب فصار بحكم الغلبة الفقير كالمشروط.
قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: كان القاضي الإمام رحمه الله