للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: وعلى هذا القياس إذا وقف على طلبة علم كورة كذا أو محلة كذا يجوز، وإن لم يشترط فقرهم لأنه عامتهم الفقراء، والفقير فيهم غالب، فصار الفقير كالمشروط قال: الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرح كتاب الوقف» : الحاصل في جنس هذه المسائل أنه متى ذكر مصرفاً فيه تنصيص على الفقر والحاجة، فالوقف صحيح سواء كانوا يحصون أو لا يحصون، قوله سواء كانوا يحصون أو لا يحصون يشير إلى أن التأبيد ليس بشرط وقد ذكرنا قبل هذا بخلافه، ومتى ذكر يستوي فيه الغني والفقير يعني ذكرا بينما ينال الغني والفقير، فإن كانوا يحصون فذلك صحيح باعتبار أعيانهم، يريد به أنه يصح بطريق التمليك، وإن كانوا لا يحصون فهو باطل؛ لأنه لا يمكن تصحيحه وقفاً، لأنه لا يكون قصده الصدقة إذا كان يستوي فيه الغني والفقير، فلو صح صح بطريق التمليك وهم مجهولون؛ ولأن التمليك من المجهول باطل قال: إلا أن يكون في لفظه ما يدل على الحاجة استعمالاً بين الناس لا باعتبار حقيقة اللفظ، كاليتامى فحينئذ إن كانوا يحصون والأغنياء والفقراء فيهم سواء وإن كانوا لا يحصون، فالوقف صحيح ويصرف إلى فقرائهم دون أغنيائهم؛ لأن الاستعمال بمنزلة الحقيقة في جواز تصحيح الكلام باعتباره.

قال الخصاف في «وقفه» : إذا قال: أرضي هذه موقوفة على اليتامى، وكذلك إذا قال على الزمنى، ولو قال: على يتامى بني فلان وهم موات يحصون فهذا باطل، يعني لا يكون وقفاً إما يكون تمليكا منهم، وإن كانوا لا يحصون فهو جائز وهي للفقراء منهم دون الأغنياء، وهذا بناء على ما ذكره شمس الأئمة السرخسي في «وقف هلال» إذا قال: أرضي هذه موقوفة علي الجهاد أو الغزو أو في أكفان الموتى أو في حفر القبور أو غير ذلك مما يشبهها فذلك جائز؛ لأن هذه الوجوه مما يتأبد فصار الوقف علي هذه الوجوه بمنزلة الوقف على المساكين.

وفي وصايا «المنتقى» ابن سماعة قال: سمعت يقول: إذا أوصى في أكفان موتى المسلمين أو في حفر مقابر المسلمين فهذا باطل، ولو أوصى بثلثه أكفان فقراء المسلمين يجوز، وكذلك في حفر مقابرهم، وذكر ثمة أصلا فقال: الوصية إذا وقفت على الفقراء لا يشترط العينة بخلاف ما إذا وقفت مطلقة.

في «وقف هلال» إذا وقف على ابن السبيل صح؛ لأنهم ينقطعون ويكون لفقراء ابن السبيل دون اغنيائهم كما في اليتامى قال الخصاف: إذا قال: جعلت أرضي هذه صدقة موقوفة لله تعالى أو على زيد أو على قرابتي فالوقف باطل؛ لأنه جعل ذلك على شك، وكذلك لو قال: جعلتها صدقة موقوفة لله أبداً على زيد أو عمرو ومن بعد ذلك على المساكين فهو أيضا باطل، ولو قال: جعلت أرضي هذه صدقة موقوفة لله تعالى أبداً على فلان حال حياتي بعد أن الوقف جائز وتكون الغلة لفلان ما دام حياً، فإذا توفي كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>