للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجب، فإن وقف فهذا على ثلاثة أوجه، إما إن وقف على الأجانب أو على القرابة التي يجوز إعطاء الزكاة اليها أو على القرابة التي لا يجوز إعطاء الزكاة إليها، في الوجه الأول والثاني، جاز وفي الوجه الثالث، لا؛ لأن صرف الصدقة الواجبة إلى من لا يجوز إعطاء الزكاة إليه لا يجوز، فلو وقف على القرابة التي لا يجوز إعطاء الزكاة إليها فالوقف صحيح، وأما النذر باقي؛ لأنه لم يؤد المنذور، نوع من ذلك في الوقف المنقول يجب أن يعلم أن الوقف المنقول تبعاً للعقار جائز بأن جعل أرضه وقفاً مع العبيد والثيران الذين يعملون فيها ويصير المنقول وقفاً تبعاً للعقار، وأما وقفه مقصوداً، إن كان كراعاً أو سلاحاً يجوز، ونعني بالسلاح السلاح، ونعني بالكراع جنس الخيل والابل، وإن كان ينوي ذلك إن كان شيئاً لم يجز التعارف بوقفه كالنبات والحيوان لا يجوز عندنا، وإن كان يتعارفاً كالفأس والقدوم والحبان ونبات الحبان وما يحتاج إليه من الأواني والقدور في غسل الموتى والمصحف لقراءة القرآن، قال أبو يوسف: لا يجوز، وقال محمد: يجوز وإليه ذهب عامة المشايخ منهم شمس الأئمة السرخسي رحمه الله. وذكر في شرح كتاب الوقف فقال: ما يتعارفه الناس ليس في عينه نص يبطله، فهو جائز كما في الاستصناع وغير ذلك.

قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: إذا جعل ظهر دابته أو غلة عبده في المساكين لا يصح، في قول علمائنا رحمهم الله، أما على قول أبي يوسف فلأنه لايرى الوقف في المنقول إلا في الكراع، وأما على قول محمد فلأنه يعتبر العرف ولا عرف في هذه الصورة.

سئل أبو نصر عمن وقف الكتب قال: كان محمد بن سلمة لا يجيز وبصير كان يخبره وقد وقف كتبه وكان الفقيه أبو جعفر يجيز ذلك وبه أخذ، وسئل عمن وقف بقرة علي رباط على أن ما يخرج من لبنها وسمنها يعطى أبناء السبيل قال كان في موضع تغلب ذلك في أوقاته رجوت أن يكون جائزاً ومن المشايخ من قال: بالجواز مطلقاً، قالوا: لأنه جرى التعارف في ديار المسلمين بذلك.

وفي «الواقعات» ذكر هلال البصري في «وقفه» : وقف البناء من غير وقف الأصل وهو الصحيح، وكذلك وقف الكردار بدون وقف الأصل لا يجوز، هو المختار لأن الكردار والبناء منقول ووقفها غير متعارف، وإذا كان الأصل البقعة موقوفة على جهة قرية فبنى عليها أبناؤها على جهة قرية أخرى اختلف المشايخ فيه قال بعضهم: لا يجوز؛ لأن جهة القرية إذا اختلفت لا يصير البناء تبعاً للبقعة، ما بيّنَهُ ما إذا كانت البقعة له واستيفاؤها لنفسه، وقال بعضهم: يجوز لأن جهات القرية وإن اختلفت فالأصل القرية يجميعها، واختلاف الجهة لا يوجب اختلاف الحكم بعد إثبات الأصل القرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>