هذا كما قلنا: في سبعة نفر نحروا بقرة أو بدنة ونوى بعضهم الأضحية وبعضهم هدي المتعة أو القران، وبعضهم جزاء الصيد وبعضهم التطوع جاز لوجود أصل القربات، وبمثله لو نوي بعضهم اللحم لا يجوز، وكذا ههنا.
وأما إذا وقف البناء علي الجهة التي كانت البقعة وقفاً يجوز ويصير تبعاً للبقعة كما لو وقف البناء والعرصة جميعاً على جهة واحدة، فأما إذا غرس شجرة ووقفها إن غرسها في الأرض غير موقوفة فلأن إن وقفها وموضعها من الأرض صح تبعاً للأرض بحكم الاتصال، وإن وقفها دون أصلها لم يصح وإن كانت في أرض موقوفة فوقفها على تلك الجهة جائز.
وإن وقفها على جهة أخرى فعلى الاختلاف الذي مر وهذا لأن الشجرة نظير البناء من حيث إن إقامتها بالأرض وهي تبع للأرض بحكم الاتصال كالبناء.
ذكر الخصاف في «وقفه» إذا وقف أرضاً ومعها رقيق يعملون فيها، فينبغي أن يسمى الرقيق في الوقف، ويبين عددهم، وكذلك بقر ينبغي أن يسمى البقر ويبين عددهم، وينبغي أن يشترط في الصدقة أن نفقة الرقيق والبقر من غلة الأرض وإن لم يشترط نفقتهم من غلة الأرض فان ضعف بعض الرقيق عن العمل، فان له أن يبيعه ويشتري بثمنه غلاماً فكأنه لم يجد بثمنه غلاماً مكانه، فأراد أن يزيد في ذلك من غلة الأرض فلا بأس بذلك؛ لأن ذلك من عمارة الأرض وكذلك الحكم في الدواب وآلات الزراعة إذا وقف مع الأرض، ولولاة الصدقة أن يعملوا ذلك.
وفي «وقف الأنصاري» وكان من أصحاب زفر إذا وقف الدراهم أو الطعام أو ما يكال أو يوزن أنه يجوز ويدفع الدراهم مضاربة ويتصدق بفضلها في الوجه الذي وقف عليه وما يكال ويوزن يباع ويدفع ثمنه مضاربة فعلى هذا القياس إذا قال: هذا الكر من الحنطة وقف على شرط أن يقرض الفقراء الذين لا بذر لهم أن يزرعوها لأنفسهم، ثم وجد منهم بعد إدراك قدر القرض، ثم يقرض لغيرهم من الفقراء أبداً على هذا السبيل فهذا جائز.
قال: ومثل هذا كثر في الجبال التي في ناحية رماوند. وفيه أيضاً ان وقف الأكسية جائز، وتدفع الأكسية إلى الفقراء، فينتفعون بها في أوقات لبسها في الشتاء ثم يردونها إلى القيم.
وسئل أبو نصر عمن وقف داراً وفيها حمامات يطرن ويرجعن، قال: يدخل في وقفه الحمامات الأهلية. في «فتاوى أبي الليث» وفيه أيضاً: لو وقف برج حمام أرجو أن يكون جائزاً؛ لأن الحمامات وإن كانت منقولة إلا أنها تصير وقفاً تبعاً للبيت، كما لو وقف ضيعة بما فيها من الثيران والعبيد، وكذلك لو وقف بيتاً فيه كوارات العسل يجوز، ويصير النحل وقفاً تبعاً للبيت، ويجب أن يكون تأويل هذه المسألة أن يوقف البيت والبرج بما فيه من النحل والحمام كما في وقف الأرض مع العبيد والثيران.