للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «فتاوى أهل سمرقند» إذا وقف وقفاً وشرط لنفسه أن يأكل ما دام حياً، ثم مات وعنده معاليق وزبيب من هذا الوقف لأن المستثني يرد إلى الوقف لأن المستثنى هو الأكل، وقد تعذر، ولو كان عنده حرير ذلك الوقف يكون ميراثاً عنه لورثته ولا يرد إلى الوقف، والفرق: أنه ليس للأوصياء أن يجيزوا ما خرج من البر فإذا خرج فقد فعل ما ليس له ذلك فملكه فيصير ميراثاً لورثته، وللأوصياء أن يتجددوا المعاليق والزبيب، فقد فعل ما له ذلك، فلم يملكه فلم يصير ميراثاً لورثته فيرد إلى الواقف أن يكون هو المتولي، فعلى قول أبي يوسف: الوقف والشرط صحيحان، وعلى قول محمد وهلال: الشرط والوقف باطلان. وهذا بناء على ما تقدم أن التسليم إلى المتولي ليس بشرط لصحة الوقف عند أبي يوسف رحمه الله، وعند محمد شرط.

ذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» : إذا شرط في أصل الوقف أن يستبدل به أرضا أخرى إذا شاء ذلك، فيكون وقفاً مكانها، فهو جائز عند أبي يوسف، يعني الوقف والشرط، وكذلك إذا شرط أن يبيعه ويستبدل بثمنه مكانه، وعند محمد وهلال: الوقف جائز والشرط باطل؛ لأن هذا الشرط لا يؤثر في المبيع من زوال الملك والوقف يتم ذلك ولا يتقدم به معنى التأبيد أصل الوقف فيتم الوقف بشروطه، ويبقى الاستبدال شرطاً فاسداً فيكون باطلاً في نفسه، وإن شرط في الوقف أن له بيع ذلك ولم يشترط الاستبدال بثمنه ما يكون وقفاً مكانه قال محمد: الوقف باطل، وعن أبي يوسف أن الوقف جائز والشرط باطل ذكره الخصاف في وقفه.

ولو شرط أن يبيعها ويستبدل بثمنها أرضا فاستبدل بثمنه داراً أو عقاراً، ذكر الخصاف هذه المسألة في باب واحد في موضعين فقال في أوله: ليس له ذلك وفي أخرى قال: له ذلك. ولو اشترط لنفسه أن يبيعها وأن يستبدل بثمنها ولم يقل غير هذا، فهو باطل لأنه لم يقل ويستبدل بثمنه ما يكون وقفاً مكانه، ثم إذا جاز الوقف وشرط البيع والاستبدال بالثمن فباعه ما يتغاين الناس فيه فالبيع باطل، وإذا جاز البيع واشترى بثمنها أرضاً أخرى تكون وقفاً على شروطها، وليس له أن يبيع الثانية إلا إذا شرط ذلك في أصل الوقف، وإن باع الأرض وقبض الثمن وهلك في يده فلا ضمان، ويكون الثمن عنده أمانة، وليس له أن يبيع الأرض إلا بالدارهم في قول أبي يوسف، فإن باعها فردت عليه بعيب بعد القبض بقضاء أو غير قضاء أو بإقالة تعود وقفاً كما كانت وليس له أن يبيع الأرض بعد الإقالة، إلا أن يكون اشترط ذلك في الوقف، وإن باعها واشترى بثمنها مكانها أرضاً أخرى ثم ردت عليه الأولى بيعت بقضاء فإنه تعود كما كانت، وتكون الثانية له يصنع بها ما بدا له، فإن استحقت الأرض التي باعها من يد المشتري فالأرض الثانية لم يصنع بها ما شاء، ولا تكون وقفاً من قبل أن التي استحقت كان وقفه باطل.

وسئل شمس الإسلام محمود الأوزجندي عمن وقف على أولاده وقال لهم: إن عجزتم عن أمساكه فبيعوه قال: لو كان هذا شرطاً في الوقف كان الوقف باطلاً، وهذا يجب أن يكون قول محمد، أما على قول أبي يوسف يجوز الوقف ويبطل الشرط على ما ذكرنا قبل هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>