للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا شرط الخيار لنفسه في الوقف ثلاثة أيام فعلى قول أبي يوسف بن خالد: الوقف جائز والشرط باطل، محمد يقول: الوقف صحته تعتمد تمام الرضا، ألا ترى أنه لا يصح مع كره؟ واشتراط الخيار يمنع تمام القبض، ألا ترى أن في الصرف والسلم لا يتم القبض مع شرط الخيار؟ وأبو يوسف يقول: الوقف يتعلق به اللزوم ويحتمل الفسخ ببعض الأسباب، واشتراط الخيار للفسخ، فيصح شرط الخيار فيه كما في البيع فان قال: أبطل الخيار، لا ينقلب الوقف جائزاً عند محمد، ذكره هلال في وقفه.

إذا شرط الولاية لنفسه في عزل القوام والاستبدال بهم من يده إلى يد المتولي، جاز نص عليه في «السير الكبير» لأن هذا الشرط لا يحل لشرائط. لو وقف ولم يشترط الولاية لنفسه، وأخرجه من يده، قال محمد رحمه الله: الولاية للقيم، وليس للواقف أن يعزله، وكذا لو مات وله وصي فلا ولاية لوصيه، والولاية للقيم قال أبو يوسف: لا ولاية للواقف.

وله أن يعزل القيم في حياته، وإذا مات الواقف بطل ولاية القيم عنده صحيح بدون التسليم إلى المتولي، كأن المتولي كالوكيل عنه فينعزل بموته إلا إذا جعله قيماً في حال حياته وبعد وفاته فحينئذٍ يصير وقفاً، وعند محمد التسليم إلى المتولي شرط صحة الوقف فلا يكون المتولي كالوكيل عنه فلا يملك عزله في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: ما هو قريب من هذه المسألة وصورتها: إذا أخرج الوقف من يده وسلمه إلى المتولي، ثم أراد إخراجه من يده إن كان شرط في أصل الوقف أن له الإخراج من يد القيم فله أن يخرجه من يده؛ لأن شرط الوقف مراعى، وإن لم يشترط ذلك في أصل الوقف (ليس له) أن يخرجه من يده عند أبي يوسف خلافاً لمحمد.

قلنا: ذكر الخصاف في «وقفه» مسائل: على قول أبي يوسف فقال: إذا كتب في صك الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يملك ثم قال في آخر الكتاب: وعلى أن لفلان بيع ذلك، والاستبدال بثمنه ما يكون وقفاً، فله أن يبيع ويستبدل؛ لأن العبرة للآخر والآخر ناسخ للأول، وإن قال في أول الكتاب: على أن لفلان بيع ذلك، فليس له أن يبيع، ألا ترى أن رجلاً لو اشترى داراً بمائة دينار وكتب في أول الشراء الخيار وفي أخره أنه لا خيار لفلان فيما اشترى؟ فما سمى ووصف في هذا الكتاب أن الشراء جائز وقد أبطل الخيار، وإذا شرط في الوقف أن يبيعه وأن يجعل ثمنه في وقف أفضل منه، حتى جاز الشرط والوقف عند أبي يوسف (٥ب٣) فله أن يبيعه، وذكر الأنصاري في «وقفه» : أنه لا يبيع إلا بإذن الحاكم، قال الأنصاري أيضاً: وينبغي للحاكم إذا رفع إليه ولا منفعة في الوقف أن يأذن له في البيع إذا رآه أحوط لأهل الوقف، فإن باعها واشترى بثمنها أرضاً كان وقفاً، وليس له أن يبيع الأرض إلا أن يشترط ذلك في أصل الوقف ذكره هلال في «وقفه» ، ولو شرط في أصل الوقف أن يبيع الوقف ويجعل ثمنه للمساكين لم يجز هذا الشرط ذكره الأنصاري في «وقفه» ، وذكر الخصاف في وقفه لو شرط أن يبيعها ويصرف ثمنها إلى ما يرى من أبواب الخير فالوقف باطل، وإن شرط في أصل الوقف أن يبيعه ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>