(للملك) ، فقال: ادن مني فقد قرب الأرض الموقوفة إلى أبيه وتقريب عين من الأعيان إلى إنسان يكون للملك حقيقة؛ لأنه هو المقرب الكامل، فهو معنى قولنا: أقر بالملك لأبيه وأقر بالوقف عليه، فينظر إن كان على الأب دين أو أوصى بوصية وليس له مال آخر، فإنه يباع من الأرض قدر الدين والوصية، فيقضي الدين وينفذ الوصية من الثلث؛ لأن إقرار الوارث في حق الغريم أو الموصى له غير معتبر.
ثم في الباقي ينظر هل للميت وارث سواه أو لم يكن، فإن لم يكن بعد إقرار الباقي من الأرض وقفها على الفقراء؛ لأنه أقر على نفسه بحق الفقراء ظاهراً؛ لأن الملك له في الظاهر، ثم ينظر إن لم يدع الولاية لنفسه، فلا ولاية له، وللقاضي أن يولي آخر من شاء، وإن ادعى الولاية قبل قوله استحساناً حملاً لأمره على الصلاح، وأما إذا كان معه وارث آخر فإن أقر الآخر بجميع ما أقرَّ به هذا الوارث كان الجواب كما قلنا، وإن أنكر الوقف كان نصيب المنكر ملكاً له يتصرف فيه كما شاء ونصيب المقر وقف.
وأما إذا قال: هذه الأرض صدقة موقوفة عن والدي، فإنه يكون هذا إقراراً بالملك في الأرض لوالده ولا (يكون إقراراً) هو الواقف؛ لأن كلمة (عن) استعمل للتبعيد، ويكون معناه: وقفت هذه الأرض بسبب والدي، ولا (أقر) أنه لوالدي كما يقال: فلان تصدق عن والده كذا وفلان أعتق عن والده بكذا، واذا لم يكن هذا إقراراً بالملك لوالده لا يقبل منازعة وارث آخر أياً كان، ولكن صح إقراره أن الأرض وقف على الفقراء؛ لأنه أقر بما في يده أنه حق الفقراء ولا يجعل الواقف هو ولا غيره على ما مر، وكانت الولاية له استحساناً كما ذكرنا قبل هذا.
فأما إذا أضاف الوقف إلى رجل أجنبي، فان ذكر رجلاً معروفاً سماه بعينه وكانت الإضافة بحرف (من) فإن كان ذلك الرجل في الأحياء وكان حاضراً يرجع إليه؛ لأنه أقر بالملك له وشهد عليه بالوقف. فإن صدقه في جميع ذلك (يثبت) بتصادقهما، وإن صدقه في الملك، وكذبه (في الوقفية) يثبت (الملك) بتصادقهما ولم تثبت الوقفية لكون الشاهد واحداً.
وإن كان ميتاً، فالأمر إلى ورثته في التصديق والتكذيب على ما ذكرنا، فإن صدقه البعض في جميع ذلك وكذبه البعض في الوقفية، فنصيب المصدق وقف ونصيب الجاحد ملك له يتصرف فيه كما شاء. وأما الولاية ففي حال تصديق الورثة له استحساناً، فإذا صدقه البعض في الوقفية، وكذبه البعض، فلا ولاية له قياساً. قال هلال: وبالقياس نأخذ في هذه الصورة، وكذلك إذا صدقوه في الوقف وكذبه البعض في الولاية فلا ولاية له قياساً، قال: هلال آخذ فيه بالقياس؛ لأن حال تصديقهم إنما أثبتنا له الولاية لانعدام المنازع وقد وجد المنازع هاهنا فلا ولاية له لهذا. قال: إلا أن يشهد شاهدان بالولاية على الجاحدين، وشهادة الوارثين في ذلك مقبولة؛ لأنه لا تهمه في شهادتهما؛ لأنهما لا يجران إلى أنفسهما منفعة ولا يدفعان عن أنفسهما غرامة، وإن كانت الإضافة بحرف (عن) فهذا ليس بإقرار بالملك لفلان على نحو ما بينا.
وأما إذا كانت الإضافة إلى أجنبي لم يسمه بأن قال: هذه الأرض صدقة موقوفة من