فلان أو عن فلان صار وقفاً؛ لأنه أقر بما في يده للفقراء، فيصح كما لو لم يضفه إلى أحد، فإن سمى بعد ذلك رجلاً لم يصدق إذا كان مفصولاً وكانت الإضافة بحرف (من) ؛ لأنه لو صدق أدى إلى إبطال حق الفقراء بعد ثبوته؛ لأن ذلك الرجل ينكر الوقف ويعتبر إنكاره؛ لأن المقر بالوقف ما أقر له بالملك في هذه الصورة، والولاية له بعد الإقرار الثاني يريد به إذا كانت الإضافة بحرف (من) ؛ لأن الإقرار الثاني كما لم يعتبر جعل كالسكوت، فلا يصير به ما كان قبله.
ولو أقر (٧أ٣) بالوقف وسكت عن ذكر الموقوف عليه ثم ذكره بعد ذلك أن الموقوف عليه فلان وفلان فالقياس أن لايقبل قوله الثاني؛ لأن بالكلام الأول صارت الغلة حقاً للفقراء، فلا يصدق في صرفها إلى غيرهم. وفي الاستحسان يقبل؛ لأن العادة جرت بذكر الأوقاف دون الموقو ف عليه إلا عند الاستثناء وعن الموقوف عليه.
ولو أقر أنها صدقة موقوفة على وجه سماها ثم بين بعد ذلك وجهاً آخر لا يقبل قوله الثاني قياساً واستحساناً، ويكون ما بين أولاً لأن في الوجه الأول الحاجة إلى البيان ما بينه، فيقبل قوله في البيان. وفي الوجه الثاني لا حاجة إلى البيان فلا يقبل وهذا أصل كبير في كتاب الإقرار أن البيان إنما يعتبر عند مساس الحاجة إليه.
أرض في يدي رجل قال صاحب اليد: هذه الأرض ولايتها للقاضي فلان وهي صدقة موقوفه لم يصح إقراره؛ لأن كما قال: ولايتها للقاضي فلان هذا أقر باليد وبحق التصرف كذلك للقاضي ثم ادعى الانتقال إليه، فلا يثبت ذلك إلا بحجة، ولكن إن كان الوقف العتق يتلوم القاضي في ذلك زماناً، فإن صح أمرها وإلا جوّز إقراره وألزمه قسمة الغلة على نحو ما أقر، قال هلال: أستحسن ذلك حتى لا يؤدي إلى إبطال الوقوف في العتق، ولو قال: هذه الأرض ولايتها (للقاضي والدي) ثم توفي والدي وأوصى إلي وهي صدقة موقوفه على كذا لا يقبل قوله. وكذلك لو قال: هذه الأرض كانت في يد والدي أو قال: كانت في يد فلان، فأوصى بها إليَّ وهي صدقة موقوفة لا يقبل قوله. وكذلك لو قال: كانت في يد فلان وقد أوصى إلي، وكانت في يد فلان آخر قبل ذلك وقد أوصى بها إلى فلان الذي أوصى بها إلي لا يقبل قوله ويؤمر بالتسليم إلى وارث فلان الذي أقر أنها كانت في يده وأوصى إلى ذلك الذي أوصى بها؛ لأنه أقر باليد له ثم شهد بزوال اليد.
قال الخصاف في «وقفه» : لو أن رجلاً قال: أرضي هذه صدقة موقوفة على زيد بن عبد الله وولده وولد ولده ونسله وعقبه أبداً ما تناسلوا ومن بعدهم على المساكين، فقال زيد: إن الواقف جعل هذه الوقف علي وعلى ولدي وولد ولدي وعلى عمرو، فإنه يصدق على نفسه ولا يصدق على غيره، فينظر إلى الغلة عند قسمتها فيقسم على زيد وعلى من كان موجوداً من ولده وولد ولده ونسله، فما أصاب زيداً منها دخل عمرو معه في ذلك، فيكون حصة زيد بين زيد وبين عمرو أبداً ما كان زيد في الأحياًء، فإذا مات زيد بطل إقراره ولم يكن لعمرو حق في هذه الصدقة.
وكذلك لو كان الواقف وقفها على زيد ومن بعده على المساكين، فأقر زيد لعمرو على نحو ما بينا كان لعمرو أن يشارك زيداً في غلة