يجوز على الوقف ويصير غاصباً الأرض، فإن سلمت الأرض من النقصان فلا ضمان، وإن نقصت فالضمان واجب إن شاء على الآخذ ولا شيء للموقوف عليهم من الخارج من الأرض، وأما الثمار فهي للموقوف عليهم؛ لأنها تخرج من النخيل ولا شيء للمدفوع إليه من الثمار، إنما حقه في آخر عمله على الدافع في ماله خاصة ولا يرجع به على أحد ذكره هلال في «وقفه» .
في «فتاوى أهل سمرقند» أرض وقف بدرعم وهي ناحية من نواحي سمرقند، استأجره رجل من حاكم درعم بدراهم معلومة وزرعها، فلما حصلت الغلة طلب المتولي الحصة من الغلة كما جرى العرف بالمزارعة بدرعم على النصف أو على الثلث، فقال الرجل عليَّ الأجر، كان للمتولي أن يأخذ الحصة؛ لأن تولية القاضي لهذا المتولي إن كان قبل تقليد الحاكم ثم دخل ذلك تحت تقليده إن كان بعد تقليده خرج عن ولاية تلك الأرض فلم يصح إجارته، فإذا زرعها وقد جرى العرف بالمزارعة على النصف أو على الثلث صار كأن المتولي دفعها إليه مزارعة على ذلك.
في «فتاوى أبي الليث» : وقف ضيعة له على بنيه، فأراد أحدهم قسمتها ليدفع نصيبه مزارعة، قال: قسمة الوقف لا تجوز من أحد، وليس لأرباب الوقف أن يعقدوا على الوقف عقد مزارعه، وإنما ذلك للقيم.
قال: أرض الوقف إذا كانت عشرية دفعها القيم مزارعة ومعاملة فعشر جميع الخارج في نصيب الدافع، وهذا على قول أبي حنيفة، فإن عنده في الإجارة بالدراهم العشر على الأجر كالخراج، وعندها: يجب في الخارج فكذلك في المزارعة؛ لأنه إن كان البذر من قبل رب الأرض، فهو مستأجر للعامل، فالعشر كله عليه، وإن كان البذر من قبل الزارع فالقيم يؤاجر الأرض فكان العشر عليه، وكان ينبغي أن لايجب العشر في أرض الوقف في الحاصل على الفقراء إنما وجب؛ لأن الآخذ مختلف؛ لأن حق أخذ العشر للسلطان، وله فيه حق العمالة، وإنما الوقف، فالقيم هو الذي يتصرف فيه. وهو نظير المال المنذور بالتصدق بها إذا حال الحول عليها يجب الزكاة فيها، فيؤدي صاحب المال الخمسة زكاة ويتصدق بالباقي، وإن كان المصرف في كلا الحقين واحداً.
وإذا كانت الدار موقوفة على قوم أحدهما القيم فمات بعضهم قد ذكرنا قبل هذان الإجارة لا تنتقض بموت الموقوف عليه وذكرنا أيضاً أن ما وجب من الأجر قبل موت من مات منهم، فذلك ميراث لورثته وما وجب بعد موته فهو كله للباقين، فإن عجلت الأجرة واقتسمها الموقوف عليهم ثم مات أحدهم فالقياس أن تنقض القسمة ويكون للذي مات حصته من الأجرة مقدار ما عاش؛ لأن المنفعة التي تحدث بعد موته لا يتظهر ملكه ولكنا نستحسن، ولا ينقض القسمة؛ لأن القسمة قد صحت ووقع الملك لكل واحد منهم في نصيبه، فما حدث من السبب المغير في القسمة لا يقدح في القسمة الماضية كرجل مات وترك ألف درهم وعليه لرجل ألف درهم ولرجل ألفان فاقتسما الألف أثلاثاً ثم إن صاحب الألف أبرأ الميت لا تبطل القسمة كذا هنا.