استأجر أرضاً موقوفة وبنى فيها حانوتاً وسكنها، فأراد غيره أن يزيد في الغلة ويخرجه من الحانوت ينظر إن آجره مشاهرة، فإذا جاء رأس الشهر كان للقيم فسخ الإجارة إذا كانت مشاهرة ينعقد رأس كل شهر، فبعد ذلك ينظر إن كان رفع البناء لا يضر بالوقف رفعه إن شاء؛ لأنه ملكه، وإن كان رفع البناء يضر بالوقف، فبعد ذلك المسئلة على وجهين: إن كان المستأجر يرضى أن يتملك القيم بناء الوقف بقيمته مثبتا أو منزوعاً أيهما كان أقل يملك القيم ذلك، وإن كان لا يرضى (١٠أ٣) لا يتملك؛ لأن تملك ماله بغير رضاه لا يجوز فيبقى إلى أن يتخلص ملكه.
في «فتاوى أبي الليث» في «فتاوى الفضلي» : فقير يسكن وقف الفقراء بأجر فترك له بحساب الفقراء ما وجب عليه من الأجر يجوز، فالرواية محفوظة عن علمائنا أن من له حق في مال بيت المال إذا ترك عليه خراج أرضه لمكان حقه في بيت المال جاز، هكذا قال في «فتاوى أبي الليث» .
قيم وقف أجر دار الوقف فله أن يحتال بالغلة على مديون المستأجر إذا كان مليئاً، واذا كان أخذ كفيلاً فذاك أولى؛ لانه إذا أخذ كفيلاً فكان المطالب بالأجر اثنان.
في آخر إجارات «فتاوى أبي الليث» : إذا باع الأشجار التي في أرض الوقف ثم أجر منه الأرض، فإن باع الأشجار بعروقها دون الأرض يجوز إذا لم تكن الإجارة طويلة؛ لأن الأرض لا تكون مشغولةً بملك الغير فيصح التسليم، وإن باع الأشجار من وجه الأرض لا تجوز إجارة الأرض؛ لأن الأرض مشغولة بملك الغير وهو عروق الأشجار فلا يصح التسليم، وإن كان قد وقع الأشجار منه معاملة سنة أو سنتين أو ما أشبه ذلك، ثم أجر الأرض منه بأجر المثل، فعلى قول أبي حنيفة لا تجوز إجارة الأرض عنده للعاملة غير الجائزة فتبقى الأرض مشغولةً بحق الأجر فلا تجوز الإجارة، وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله المعاملة جائزة فجازت الإجارة والاحتياط: أن يبيع الأشجار بعروقها ثم يؤاجر الأرض ليكون متفقاً عليه.
وإذا أراد أن يستأجر أجراء ليعملوا في أرض الوقف جاز؛ لأن فيه منفعة راجعة إلى الوقف، مزارعة يجوز إذا لم يكن فيه محاباه راجعة إلى الوقف قدر ما لا يتغابن الناس فيها؛ لأنه إن كان البذر من قبل القيم فهو مستأجر العامل ليعمل في الوقف، وإن كان البذر من قبل العامل فقد أجر الأرض منه ببعض الخارج، وكذلك لو دفع ما فيها من النخيل معاملة يجوز، فإن مات القيم قبل انقضاء مدة المزارعة والمعاملة، وإن مات المزارع والمعامل، فإن المزارعة والمعاملة تبطلان.
وإن دفع القيم أرض الوقف مزارعة سنين معلومة فهو جائز، إذا كان ذلك أنفع وأصلح في حق الفقراء جوز المزارعة سنين معلومة من غير التقدير بالثلاث، والمعنى الذي لأجله استحسن المشايخ أن لا تجوز الإجارة الطويلة على الوقف هو أن لا يؤدي إلى إبطال الوقف، عسى لا يتأتى في المزارعة يعرف بالتأمل إن شاء الله تعالى.
وإذا دفع أرض الوقف مزارعة أو دفع نخيل الوقف معاملة ولا حظّ فيه للواقف لا