فيستحق الغلات الماضية، ثم إن كانت الأم أو العم أو الأخ موضعاً لوضع الغلة في أيديهم فما قبض الصغير من الغلة يدفع إليهم ويؤمرون بالإنفاق عليه، وإن لم يكن موضعاً لذلك يوضع في يدي رجل ثقة يؤمر بالنفقة عليه.
في «النوازل» : إذا وقف على فقراء قرابته، فأراد بعض الفقراء من قرابته أن يحلف البعض بأنهم أغنياء إن ادعوا عليهم دعوى صحيحة بأن ادعوا عليهم مالاً يصيرون به أغنياء كان لهم أن يحلفوهم؛ لأنهم ادعوا عليهم معنى لو أقروا بذلك يلزمهم، فإن كان القيم يمثل إليهم، فأراد هؤلاء أن يحلفوا القيم بالله ما يعلم أن هؤلاء أغنياء ليس لهم ذلك؛ لأن القيم لو أقر بذلك لم يلزم أولئك شيء، فإذا أنكروا لا يستحلف.
وإذا ثبت الرجل قرابته وفقره عند قاضى ثم جاء يطلب وقفاً آخر لا يكلف إعادة البينة على الفقر؛ لأنه ثبت فقره في وقف، ومن كان فقيراً في وقف كان فقيراً في كل وقف. وكذلك لو أثبت قرابته من الواقف في وقفه ثم جاء يطلب وقف أخيه لا يكلف إعادة البينة على القرابة إذا كان الثاني أخ الأول لأبيه وأمه؛ لأنه إذا كان أقرب أحد الأبوين كان قرب الأخ الآخر ضرورة. وكذلك لو جاء أخ المقضي له لأبيه وأمه لا يكلف إعادة البينة على القرابة من الواقف؛ لأن ذلك ثابت ضرورة بثبوت قرابة الأول، وكذلك لو أثبت رجل في وقف أنه من بني العباس لا يحتاج إلى إثبات نسبه في وقف آخر وكذلك على هذا سائر القرابات.
ولو أقام رجل بينة عند القاضي أن القاضي الذي كان قبله قضى بقرابته وفقره قبل هذا ثم استحقت الغلة (قبلت) ، وإن طالت المدة في القياس؛ لأن الفقر قد ثبت فنحن على ذلك حتى يحدث غيره استحسنا، وقلنا: إن القاضي يسأله إعادة البينة إذا طالت المدة على أنه فقير، وهذا لأن الإنسان لا يبقى على حالة واحدة زماناً طويلاً هذا هو الظاهر، وإنما يعتبر الفقر في كل سنة عند حدوث الغلة، فمن كان فقيراً قبله استحق تلك الغلة، ومن افتقر بعد ذلك لا يستحق من تلك الغلة إنما يستحق من غلة أخرى.m
فإذا قضى القاضي أنه فقير ثم جاء بعد ذلك بطلت الغلة وهو غني وقال إنما استغنيت بعد حدوث الغلة، وقال شركاؤه: لا، بل استغنى قبل حدوث الغلة، فالقياس أن يكون القول قوله؛ لأنا عرفنا فقره، فكان الغنى في حقه حادثاً فحال به على أقرب الأوقات، وفي الاستحسان: القول قول الشركاء ويجعل المال حكماً على ما مضى على ما عرف في كثير من المسائل.
ولو لم يكن القاضي (قضى) بفقره، فجاء بطلت الغلة ويدعي أنه فقير وقال الشركاء: إنه غني وأرادوا استحلافه فلهم ذلك، ويحلفه القاضي بالله ها هو القوم غني عن الدخول في هذا الوقف مع فقرائهم وعن أخذ شيء من عليه، وإذا شهد الشهود على فقره، وكان ذلك بعد حدوث الغلة لم يدخل في تلك الغلة، وإنما يدخل في الغلة الثانية إلا أن يوقنوا فقره وكان الفقر قبل حدوث الغلة فحينئذ ثبت حقه في تلك الغلة.
ولو أن رجلاً أثبت فقره عند القاضي في وقف، فجاء رجل وعليه دين وأراد حبسه