للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاضي فلان كان يدفع إليه مع القرابة في كل سنة شيئاً فلا يكون دفع القاضي حجة يحتمل أن القاضي قضى على بعض قرابة الواقف بإقراره له.

ومما يتصل بهذا الفصل معرفة قرابة الواقف الذين يستحقون الوقف: قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: كل من يناسبه إلى أقصى أب له في الإسلام من قبل أبيه، وكل من يناسبه إلى أقصى أب له في الإسلام من قبل أمه المحرم وغير المحرم، والقريب والبعيد، والجمع والفرد في ذلك سواء، فإذا وقف على قرابته أو ذي قرابته أو على أقربائه أو على ذوي قرابته دخل هؤلاء تحت الوقف عندهما. وقال أبو حنيفة: إن حصل الوقف بلفظ الوحدان نحو قوله: على قرابتي على ذي قرابتي دخل تحت الوقف من كان أقرب إلى الواقف من محارمه، وإن حصل الوقف بلفظ الجمع نحو قوله: على ذي قرابتي على أقربائي يعتبر مع ما ذكرنا الجمع حتى ينصرف اللفظ إلى المثنى فصاعداً، وتكلم المشايخ في معنى قوله أقصى أب له في الإسلام قال بعضهم: معناه أقصى أب أسلم وقال بعضهم: معناه أقصى أب أدرك الإسلام أو لم يسلم، وثمرة هذا الاختلاف يظهر في العلوي إذا وقف على قرابته، فعلى قول من يشترط إدراك الاسلام أول أب أدرك الاسلام أبو طالب، فيدخل تحت الوقف أولاد عقيل وأولاد جعفر وأولاد علي، على قول من شرط نفس الإسلام أول أب أسلم علي، فيدخل تحت الوقف أولاد علي ولا يدخل أولاد عقيل وأولاد جعفر.

وقال هلال: القرابة إلى ثلاثة آباء، فمن انتسب إلى واحد من الآباء الثلاث يدخل في الوقف وما لا فلا وقال قوم: القرابة إلى أربع آباء، وإنما اعتبر أبو يوسف ومحمد أقصى أب له في الإسلام؛ لأنه لا وجه إلى صرف الوقف إلى القرابة العامة؛ لأنه (١٥أ٣) يدخل تحت الوقف من كان في الجاهلية؛ لأن جميع الناس أقرباؤه؛ لأن الناس كلهم أولاد آدم ونوح عليهما السلام، فلو دخلوا تحت الوقف لا يصيب كل واحد منهم شيئاً منتفعاً، ونحن نعلم أن قصد الواقف إنفاع الموقوف عليه، أما لو اعتبرنا أقصى أب في الإسلام يصيب كل واحد منهم شيئاً منتفعاً، فلهذا اعتبرنا ذلك، وإنما سوينا بين القريب والبعيد والمحرم؛ لأن الاستحقاق باسم القريب وهذا اسم يتناول الكل، وإنما سوينا بين الجمع والفرد؛ لأن الاستحقاق باسم القرابة والقريب، وإنه اسم جنس، واسم الجنس ينصرف إلى الواحد مع احتمال الجمع، وأما أبو حنيفة رحمه الله إنما اعتبر الجمع فيما إذا حصل الإنفاق بلفظه الجمع، عملاً بحقيقة اللفظ، وإنما اعتبر القرابة المحرمة للنكاح؛ لأن مقصود الواقف صلة القرابة، فالظاهر أنه يريد به قرابته بفرض وصلها، وإنما اعتبر الأقرب فالأقرب؛ لأن القرابة سبعة من القرب فمن كان أقرب كان أولى يصرف اللفظ إليه.

بيان جملة ما ذكرنا إذا كان للواقف عمان وخالان وقد حصل الإنفاق بلفظ الجمع، فعلى قول أبي حنيفة الغلة للعمين؛ لأنه يعتبر الأقرب فالأقرب، وقرابة العم أقرب من قرابة الخال، ولهذا كان الميراث للعم دون الخال، واسم الجمع ينطلق عليهما، وعندهما: الغلة للعمين والخالين أرباعاً؛ لأنهما لا يعتبران الأقرب لما ذكرنا أن اسم القرابة يتناول الكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>