للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال هلال: لا، وإنما هذا بمنزلة الفتوى وليس بقضاء حجة، حتى لو عزل بطل، وكذا لو رجع بنفسه عمل رجوعه، ولو أعطى القيم غيرهم لم يضمن، ولو قال حكمت أن لا يعطى قرابته نفذ حكمه حتى ليس لقاضٍ آخر أن يبطله، ولو أعطى القيم غير القرابة ضمن، هكذا ذكر هلال في وقفه، وقال الفقيه أبو بكر الأعمش: لا ينفذ حكمه، وجه قوله في ذلك أن هذا حكم بخلاف ما يقتضيه الشرع؛ لأن الواقف ما وقف على القرابة إنما وقف على الفقراء وحال ما وقف لم يكن هؤلاء ليدخلوا تحت الوقف من حيث إنهم فقراء، وجه ما ذكر هلال: أن مقصود الواقف الآخر الثواب، وفي الصرف إلى القرابة أكثر فكان قضاؤه موضع الاجتهاد فينفذ.

لو وقف أرضاً له على فقراء قرابته وأرضاً له أخرى على فقراء المساكين ووقف القرابة لا يكفيهم، فإن كان ذلك في عقد واحد لا يعطون كأنه وقف واحد، وقد قطع الشركة حتى يبين كل واحد نصيباً، فأما إذا كان في عقدين فلم يقطع الشركة، فإذا اجتمع الوصفان استحق بهما، ويجب أن يكون ما ذكر من الجواب فيما إذا كان العقد واحداً على قول هلال و (أبي) يوسف بن خالد على نحو ما بينا قبل هذا.

وإذا وقف أرضه على الفقراء والمساكين فاحتاج بعض قرابته إلى ذلك فأعطي من الغلة مائتي درهم فأنفقها وصار فقيراً وقد بقي من الغلة شيء، فإن كان يعلم أن إنفاقه في غير فساد وأنه أنفقها فيما لابد منه أوصى من يعطي من النفقة ما يكفيه، وإن علم أنه أسرف أو أنفق في فساد لا يعطى؛ لأنه يكون إعانة على الفساد، وكذلك هذا الجواب في الزكاة ويصير هذا الفصل رواية في أن الفقير إذا كان يعلم أنه ينفق في معصية أو سرف، أنه لا ينبغي.

وإذا وقف على فقراء قرابته وله قرابة من غير أهل البلد الذي الواقف إلى تلك البلدة يقسم على فقرائهم في هذه البلدة، وإن بعث القيم إلى تلك البلدة، فلا ضمان وهو بمنزلة الزكاة.

ومما يتصل بهذا الفصل، إذا قال: جعلت أرضي هذه صدقة موقوفة أبداً على زيد وولده وولد ولده أبداً ماتناسلوا، ومن بعدهم على المساكين على أنه إن احتاج قرابتي رد عليهم هذا الوقف، فكانت غلته لهم فكانت قرابته جماعة، فاحتاج بعضهم وبعضهم أغنياء رد هذا الوقف على من احتاج من قرابته، وكذلك لو قال: إن احتاج موالي فاحتاج بعضهم، ولو قال: على أن ولد زيد إن ماتوا ردت غلة هذا الوقف على عمرو، فمات بعض ولد زيد وبقي البعض لم ترد الغلة حتى يموت كل ولد زيد، هكذا ذكر الخصاف قال: ولا يشبه هذا الباب الأول؛ لأن في الأول قصد إلى الرد على المحتاجين منهم.

قال هلال في «وقفه» : إذا قال: أرضي هذه صدقة موقوفة بعد موتي على الفقراء، فمن احتاج من ولدي وولد ولدي أعطي ما يكفيه، كان كما قال فإن احتاج أحد من ولد

<<  <  ج: ص:  >  >>