الابتداء أوجب لهما وأنه يحتمل المثالثة والمناصفة وتأخر الكلام بين أنه أراد المثالثة إذا سمي ثلثه وبين نصيب الاثنين وسكت عن الثالث كان الباقي للثالث، وكذلك إذا سمى جماعة وذكر لبعضهم أرزاقاً معلومة، فإنه يعطي ما سمى إن سمي، والباقي إن لم يسم، ولو سمى زيداً وعمراً وجعل النصف لزيد والثلثان لعمرو، فإنه يقسم على سبعة على طريق العول لزيد ثلاثة ولعمرو أربعة على قياس الفرائض، ولو قال: لزيد النصف ولعمرو الثلث يعطى لكل واحد ما سمى، والباقي بينهما نصفان؛ لأنه في الابتداء أضاف إليهما على السواء فيقتضي التسوية بينهما إلا بقدر ما وجد التفصيل يعتبر الإضافة السابقة فيكون بينهما، وكذلك إن سمى جماعة وسمى لكل واحد منهم شيئا،، فإن زادت الغلة على (ما) سمى كانت الزيادة بينهم على التسوية، وإن نقصت يتضاربون بما سمى لهم.
ولو قال: أرضي صدقة موقوفة لعبد الله من غلاتها مئة درهم ولزيد مئتان فزادت الغلة فالغلة الزائدة تكون للفقراء ولا يكون بينهما بخلاف المسألة الأولى؛ لأنه أطلق الوقف حيث قال: أرضي صدقة موقوفة، لو اقتصر عليه كانت الغلة للفقراء فلما قال: لعبد الله من غلاتها مئة درهم ولزيد مئتان فقد استثنى هذ القدر عن حق الفقراء فما بقي يبقى على أصل الوقف، أما في المسألة الأولى جعل الوقف على عبد الله، وزيد ثم فضل أحدهما على الآخر فما بعد التفضيل يصرف إليهما على السواء قضية للإيجاب واعتبر هذا بالوصية، فإن من قال: أوصيه بثلث مالي لزيد وعمرو، ولزيد منه مئة ولعمرو مئتان وثلث ماله خمس مئة يعطي زيداً مئة وعمرو مئتان وما بقي يكون بينهما.
ولو قال: أوصيت لزيد بمئة من ثلث مالي ولعمرو بمئتين، وثلث ماله خمس مئة كان الباقي للورثة إلا أن فرق بين الوصية والوقف أن الباقي في الوصية يصرف إلى الورثة وفي الوقف يصرف إلى الفقراء، أما فيما عدا ذلك يستويان، ولو قال: صدقة موقوفة على أن لزيد مئة ولعمرو ما بقي فلم يكن الغلة إلا مئة فلا شيء لعمرو؛ لأن نصيب زيد معلوم ومسمى (ونصيب) عمرو مجهول ولا معارضة بين المعلوم المسمى وبين المجهول. ولو قال: صدقة موقوفة لعبد الله نصفها ولزيد منها مئة يعطى عبد الله نصفها ويعطى زيد من النصف الباقي والفضل للفقراء، ولو لم تكن الغلة كلها لزيد ولا شيء لعبد الله، لو كانت الغلة مئتا درهم فلعبد الله مئة ولزيد مئة ولا شيء للفقراء لو كانت الغلة مئة وخمسين فلزيد مئة وما بقي فلعبد الله؛ لأنه لو قال: على عبد الله وزيد لزيد مئة كان زيد مقدماً على عبد الله؛ لأن نصيب زيد معلوم ونصيب عبد الله مجهول وكما أن الكل مجهول فالنصف أيضا مجهول، فإذا قال لزيد: مئة ولعبد الله نصفها بأن زيداً مقدم أيضاً قال هلال رحمه الله: وفي المسألة قول آخر إذا قال لعبد الله: نصفها ولزيد مئة والغلة مئة فزيد يضرب بمئة وعبد الله بخمسين فيقتسمان كذلك حتى يكون ما يصيب زيداً مئة فحينئذٍ يعطى زيد مئة وعبد الله النصف والفضل يكون للفقراء، ولو قال: أرضي صدقة موقوفة على فقراء قرابتي يعطى كل واحد منهم في طعامه وكسوته ما يكفيه بالمعروف قال: ويتحاصون في ذلك يضرب كل واحد منهم بما يكفيه، وهذا لأن الكفاية في نفسها