مختلفة، من الناس من يكفيه القليل ومنهم يكفيه الكثير، ومنهم من له عيال، فإن وفى الغلة بكفايتهم يعطى كل واحد منهم كفايته، وإن نقصت يتضاربون بذلك، وإن فضلت الغلة على كفايتهم كان الفضل مقسوماً بينهم على عدد رؤوسهم ولو قال: أرضي صدقة موقوفة فما أخرج الله تعالى من غلاتها أعطي من ذلك كل فقير من قرابته في كل سنة ما يكفيه من طعامه وكسوته بالمعروف
ففضلت الغلة على ذلك، فالفضل يكون للفقراء بخلاف الفصل الأول؛ لأن الفصل الأول وقف على فقراء قرابتيه، وفي الفصل الثاني أطلق الوقف لو اقتصر على قوله صدقة موقوفة كانت الغلة للفقراء وقد قررنا هذا الفرق في أول هذا الفصل.
ولو قال: أرضي صدقة موقوفة فما يخرج من غلاتها فلزيد وعبد الله ألف درهم، لعبد الله من ذلك مئة فخرج من غلاتها ألف درهم كان لعبد الله مئة والباقي لزيد؛ لأنه جعل الألف لهما ثم بين نصيب أحدهما فيكون ذلك بياناً أن الباقي للآخر، فإن خرجت خمس مئة قسمت الخمس مئة بينهم على عشرة أسهم؛ لأنه أوجب الألف لهم على عشرة لما بين لزيد مئة.
ولو قال: ما أخرج الله تعالى من غلاتها يخرج منها كل سنة ألف درهم يعطى منها عبد الله مئة ولزيد ما بقي فنقصت الغلة عن ألف يبدأ بعبد الله فيعطى منها مئة، فإن بقي شيء كان لزيد وإن لم يبق شيء لزيد؛ لأنه في هذه الصورة جعل لزيد الباقي بخلاف الفصل الأول، ولو قال: أرضي صدقة موقوفة فما أخرج الله تعالى من غلاتها فهو لعبد الله والفقراء والمساكين فعلى قول أبي يوسف وهو قول هلال النصف لعبد الله (١٩ب٣) والنصف للفقراء والمساكين عندهما جنس واحد، واسم الجنس يقع على الواحد فكأنه وقف على عبد الله وزيد، وأما قول أبي حنيفة يكون ثلث الغلة لعبد الله والثلث للفقراء والثلث للمساكين؛ لأن عنده الفقراء والمساكين جنسان مختلفان واسم الجنس يقع على الواحد، فكأنه وقف على ثلاثة نفر، وأما عند محمد فالغلة تكون على خمسة (أسهم) ، سهم لعبد الله، وسهمان للفقراء وسهمان للمساكين؛ لأن عنده الفقراء والمساكين جنسان كل واحد منهما اسم جمع، وإن قل ما ينطلق عليه اسم الجمع في الوصايا المثنى.
والوقف نظير الوصايا أصل المسألة ما ذكر في «الجامع الصغير» : إذا أوصى بثلث ماله لأمهات أولاده ومن ثلثه للفقراء والمساكين فعلى قول أبي حنيفة يقسم ثلث ماله على خمسة (أسهم) ، سهم للفقراء وسهم للمساكين وثلاثة أسهم لأمهات أولاده وعلى قول أبي يوسف يقسم ثلث ماله على أربعة أسهم سهم للفقراء والمساكين وثلاثة أسهم لأمهات أولاده، على قول محمد يقسم ثلث ماله على سبعة أسهم، سهمان للفقراء وسهمان للمساكين وثلاثة أسهم لأمهات أولاده.
ثم لا بد من تفسير الفقراء والمساكين على قول من يقول بأنهما جنسان وقد اختلفوا فيه بعضهم قالوا: الفقير الذي يسأل والمسكين الذي لا يسأل وقال بعضهم: على عكس هذا وقال بعضهم: الفقير الذي له شيء والمسكين الذي لا شيء له وقال بعضهم: الفقير