دعوى كالشهادة على عتق الأمة وبه أخذ الصدر الشهيد رحمه الله في «واقعاته» قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: وقال بعض الناس: لا تقبل البينة لكنا لا نأخذ به.
في «فتاوى النسفي» ادعى مشتري الأرض على بائعه أن هذه الأرض وقف وقد بعتها من بائعه بغير حق قال: ليس له هذه المخاصمة إنما ذلك إلى المتولي وإن لم يكن ثمة متولي فالقاضي ينصب متولياً فيخاصمه ويثبت الوقفية فإذا ثبت ذلك ظهر بطلان البيع فيشتري المشتري الثمن من بائعه.
وفيه أيضاً: رجل ادعى ضيعة في يدي رجل أنها وقف على من لم يسمع الدعوى منه، وإنما يسمع من المتولي وهذا؛ لأن الوقف عليه مصرف الغلة ولا حق له في الرقبة فلا تصح منه الدعوى في الرقبة، وأشار الخصاف في «وقفه» في مسائل: أن دعواه صحيحة فمن جملة تلك المسائل قال: إذا كانت الأرض في يد الغاصب أقام أهل الوقف بينة أن فلاناً وقفها عليه وأنه مات وهو مالكها لم أقضِ بأنها وقف وإنما أقضي بأنها ملك، علل فقال: لا يجوز إن ملكها بعد وقفها إذ يجوز أنه وقفها ولم يكن يملكها علل بهذه العلة لبيان أن لا يقضي بأنها وقف لا بعلة أنه ليس له ولاية الدعوى.
ومن جملة ذلك قال: قوم ادعوا أرضاً في يدي رجل وقالوا: وقفها فلان علينا والذي في يديه يقول الأرض لي فأقاموا البينة أن فلاناً وقف هذه الأرض عليهم لا يستحقون بهذه البينة شيئاً علّل فقال: لأن الإنسان قد يقف مالا يملك ولم يقل: لأنه ادعى ما ليس له أن يدعي، وكذلك لو أقاموا بينة أنه وقف علينا ومن بعدنا على المساكين وكانت في يده يوم وقفها لا يستحقون بهذا شيئاً، وكذلك لو شهد الشهود أنه أقر عندنا وأشهدنا على نفسه أنه وقف هذه الأرض وقفاً صحيحاً وأنها كانت في يده حتى مات فالقاضي لا يقضي بالوقف، ولو شهد الشهود أن فلانا أقر عندنا أنه وقف هذه الأرض وجددها وإن كان ملكها في وقت ما وقفها، قضينا بأنها وقف من قبل الوقف وأخرجناها من يدي الذي هي في يده، وحلّ المسألة صريح أن الدعوى من الموقوف عليه صحيحة إذا لو لم تكن صحيحة كانت الشهادة في حقوق العباد بدون الدعوى لا تقبل فينبغي أن لا تقبل الشهادة في هذه المسألة.
صاحب الأوقاف إذا أراد أن يسمع الدعوى في أمور الأوقاف ويقضي بالنكول وبالبينة أن ولاه السلطان ذلك نصاً أو عرف ذلك دلالة جاز؛ لأنه كالقاضي المولى، وإن لم يكن شيء من ذلك لا يجوز.
في «فتاوى أبي الليث» ضيعة في يدي رجل وضيعة أخرى في يدي رجل آخر ادعى رجل أن هاتين الضيعتين وقف عليه حده على أولاده وأولاد أولاده أبداً ماتناسلوا وأحد الرجلين غائب، فأقام المدعي البينة على الحاضر، إن شهد الشهود أنهما ملك الواقف حقهما جميعاً وقفاً واحداً، وذكر شرائط الوقف قضى القاضي الحاضر بكون الضيعتين وقفاً؛ لأن الحاضر هنا ينتصب خصماً عن الغائب فصار كأحد الورثة، وإن شهدوا أنه وقف وقفين متفرقين يقضى بوقفية الضيعة التي في يد الحاضر فحسب لأن الحاضر هنا لا