للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض وهي ثلثها بألف درهم، فإذا حصته نصفها، فليس للمشتري إلا الثلث الذي سماه له. وقالوا فيمن أوصى لرجل فقال: أوصيت لك بثلث مالي وهو ألف درهم، فإذا ثلث ماله أكثر من ألف، فللموصى له جميع الثلث، قال الخصاف: وعندي أن الوقف نظير الوصية؛ لأنه ليس بعقد معاوضة.

وإن جعل غلة ذلك على قوم سماهم ومن بعدهم على المساكين، فصدقة القوم الذين وقف عليهم، وقالوا: إنما قصد وقف الثلث علينا، قال: تصديقهم وسكوتهم في ذلك سواء، وأقضي بجميع حقه وقفاً وأجعل للقوم الذين سماهم بأعيانهم غلة الثلث من ذلك، وأجعل فضل ما بين الثلث إلى النصف للمساكين.

وإذا شهدا على رجل أنه وقف واختلفا فيما بينهما، فشهد أحدهما أنه وقف أرضه في موضع كذا، وشهد الآخر أنه وقف أرضه في موضع كذا، وسمى موضعاً آخر لا تقبل الشهادة؛ لأنه ما شهد على وقفية كل أرض إلا شاهد واحد. ولو شهد أحدهما أنه وقف تلك الأرض وحدها، وشهد الآخر أنه وقف تلك الأرض وأرضاً أخرى قبلت الشهادة على ما اتفقا عليه.

ولو شهد أحدهما أنه وقف هذه الأرض كلها وشهد الآخر أنه وقف نصفها قبلت الشهادة على النصف، وقضي بوقفية هذه الأرض، هكذا ذكر هلال والخصاف، قيل: هذا الجواب مستقيم على مذهبهما غير مستقيم على مذهب أبي حنيفة كما لو شهد أحد الشاهدين على تطليقة وشهد الآخر على نصف تطليقة، فإن هناك لا تقبل الشهادة عند أبي حنيفة، وعندهما لا يقبل على نصف تطليقة، ومنهم من قال: هذا على الإتفاق؛ لأن الأرض حصة، فصار كما لو شهد أحدهما على طلاق امرأة وشهد الآخر على طلاقها وطلاق أخرى. ولو شهد أحدهما أنه جعل له ثلث الغلة وشهد الآخر أنه جعل له نصفها قبلت الشهادة على الثلث عندهما، وإن شهد أحدهما أنه وقف نصفها مشاعاً وشهد الآخر أنه وقف نصفها مقسومة فالشهادة باطلة.

ولو شهد أحدهما أنه وقفها يوم الخميس وشهد الآخر أنه وقفها يوم الجمعة قبلت الشهادة؛ لأن الوقف تصرف قولي، والقول يعاد ويكرر، فلا يضره اختلاف الزمان والمكان كالبيع، قيل: هذا على قول أبي يوسف، أما على قول محمد: لا تقبل هذه الشهادة؛ لأن الوقف وإن كان قولياً إلا أنه يتضمن فعلاً وهو التسليم، فإن التسليم عند محمد شرط صحته وكل قول يتضمن فعلاً كالنكاح، واختلفا فيه في الزمان والمكان لا تقبل الشهادة.

ولو شهد أحدهما أنه وقفها وقفاً صحيحاً في صحته وشهد الآخر أنه وقفها بعد موته لا يقبل الشهادة؛ لأن أحدهما شهد بالوقف والآخر بالوصية. ولو شهد أحدهما أنه وقفها صحيحاً في صحته وشهد الآخر أنه وقفها في المرض قبلت الشهادة، وتكون جميع الأرض وقفا إن كان يخرج من الثلث، وإن كان لا يخرج من الثلث يصير ثلثها وقفاً؛ لأنهما اتفقا على وقف الأرض واختلفا في الوقت إن كانت الأرض تخرج من الثلث،

<<  <  ج: ص:  >  >>