للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كانت الأرض لا تخرج من الثلث، فقد اختلفا على ثلثها واتفقا فيما وراء ذلك، فيثبت ما اتفقا عليه ولا يثبت ما تفرد به أحدهما.

ولو شهد أحدهما أنه جعلها صدقة موقوفة على الفقراء وشهد الآخر أنه جعلها صدقة موقوفة على المساكين قبلت الشهادة؛ لأنهما اتفقا على الفقراء، فإن من قال: أرضي صدقة موقوفة كانت على الفقراء، فقد اتفقا على كونهما وقفاً على الفقراء، فيثبت ذلك ويبطل ما تفرد به أحدهما. والحاصل: أنهما إذا اتفقا على كونهما صدقة موقوفة وتفرد أحدهما بزيادة شيء لا يثبت الزيادة، ويثبت ما اتفقا عليه وكونهما وقفاً على الفقراء. وعن هذا قلنا: إذا شهد أحدهما أنه جعلها صدقة موقوفة على زيد تكون وقفاً على الفقراء؛ لأنهما اتفقا على جعلها صدقة موقوفة.

وذكر الخصاف في «وقفه» : إذا شهد أحدهما أنه أقر أنه جعلها صدقة على الفقراء والمساكين وشهد الآخر أنه وقفها على الفقراء حكم عليه بالوقف للفقراء في قول حسن بن زياد من قبل أنه قال للفقراء والمساكين لهم سهم واحد قال: ومن قال: للفقراء والمساكين بينهما أن يجعل نصفها وقفاً للفقراء ويبطل النصف، قال: وهذا القول ما رواه محمد بن الحسن في «الجامع الصغير» .

ولو شهد أحدهما أنه جعلها صدقة موقوفة على عبد الله وزيد، وشهد الآخر أنه جعلها على عبد الله خاصة (٢٢ب٣) قضيت بالنصف لعبد الله والنصف الآخر للفقراء، أما القضاء لعبد الله؛ لأنهما اتفقا على عبد الله، وأما القضاء بالنصف؛ فلأنهما اتفقا على النصف له واختلفا في النصف الآخر، (ولو) شهد أحدهما به لعبد الله وشهد الآخر به لزيد، فما اتفقا عليه يثبت وما اختلفا فيه لا يثبت ويجعل ذلك كالسكوت عنه ويكون للفقراء بخلاف المسألة الأولى؛ لأن في المسألة الأولى اتفقا على كونه لعبد الله وزاد أحدهما لولده من بعده، فلم يثبت هذه الزيادة، ويثبت ما اتفقا عليه وهو كونه لعبد الله. قال مشايخنا: وما ذكر من الجواب أنه يقضي لعبد الله بالنصف يجب أن يكون قول الكل؛ لأنهما لم يختلفا في لفظ الشهادة لعبد الله، وإنما زاد أحدهما حصة زيد فلم يثبت ذلك بمجرد قول فيكون للفقراء.

وإذا شهد أحدهما أنه جعل لعبد الله مائة درهم في كل سنة من غلات هذه الأرض وشهد الآخر أنه جعل له مئتي درهم لا تقبل هذه الشهادة عند أبي حنيفة، كما لو شهد أحدهما لرجل بمئة درهم وشهد الآخر بمئتي درهم.

ولو قال أحدهما جعل له من الغلة في كل سنة مئة درهم، وقال الآخر: في سنة واحدة، فإنه يثبت في السنة الأولى عندهم؛ لأنهما اتفقا عليه. قال الخصاف في «وقفه» : لو شهد أحدهما أنه جعلها صدقة موقوفة على الفقراء والمساكين وشهد الآخر أنه جعلها صدقة موقوفة على الفقراء والمساكين وأبواب البر تقبل هذه الشهادة؛ لأن جميع ذلك من أبواب البر الأولى، لو أوصى رجل بثلث ماله في أبواب البر ففرقه القاضي في الفقراء والمساكين إن ذلك جائز.

<<  <  ج: ص:  >  >>