على قول أبي يوسف على ما ذكرنا. قيل: هذا في مسألة الحصير الملقى في المسجد أنه لا يعود على ملك متخذه بخراب المسجد بل يحول إلى مسجد آخر لا يتأتى، وينبغي للقاضي أن يصرف الآجر في عمارة الحوض على قوله.
رباط وعلى باب الرباط قنطرة على نهر لا يمكن الإنتفاع بالرباط إلا بمجاورة القنطرة لكبر النهر خرب القنطرة وليس للقنطرة غلة يمكن عمارة القنطرة بها. هل يجوز عمارة القنطرة من غلة الرباط؟ فهذا على وجهين:
إن شرط الواقف في الوقف أن يصرف غلة الرباط إلى الرباط وإلى ما فيه مصلحة الرباط جاز صرف غلة الرباط إلى عمارة القنطرة، وإن لم يشترط ذلك لا يجوز، وهذا إذا كان الرباط بحال لو لم يصرف الغلة إلى عمارة القنطرة لا يخرب الرباط، أما إذا كان بحال لو لم يصرف الغلة إلى عمارة القنطرة بخراب الرباط يستحسن في ذلك؛ لأن الرباط ووقفه حق العامة والقنطرة أيضاً حق العامة، ويجوز التصرف في حق العامة لمنفعة تعود إليهم، ألا ترى إلى ما روي عن محمد في مسجد ضاق عن أهله وعن طريق العامة أنه لا بأس بأن يلحق بالمسجد من الطريق إذا كان لا يضر بأصحاب الطريق؛ لأن كليهما حق عامة المسلمين كذا هنا في «فتاوي أبي الليث» .
وفيه أيضاً: قوم جمعوا الدراهم لعمارة قنطرة واشتروا ببعضها الطعام للعمل فاجتمع هناك من لا يعمل، فدعاهم العمال إلى الطعام فهذه المسألة على وجهين: إن حضر هؤلاء لهداية العمال وإرشادهم والبعث على العمل، وفي هذه الوجه وسع للعمال أن يدعوهم ووسع لهؤلاء أن يجيبوهم؛ لأنهم كالعمال، فإن حضروا إلا لما قلنا بل لأجل النظارة، فإن كانوا قليلاً لا يتمكن بأكلهم نقصان فيما جمع للقنطرة فكذلك الجواب أيضاً، وإن كانوا كثيراً لا يسعهم ذلك، ولو فضل من الحسب ونحوه شيء فهو على وجهين:
إن كان يقدر على أربابها يشاورهم القيم في ذلك، وإن كان لا يقدر على أربابها فللقيم أن يفعل به ما يرى. أوقاف على قنطرة يبس الوادي وصار الماء إلى جهة أخرى من أرض تلك المحلة، واحتيج إلى عمارة قنطرة للوادي الجديد هل يجوز صرف غلة القنطرة الأولى إلى الثانية للعامة وليس هناك قنطرة أخرى للعامة أقرب إلى القنطرة الأولى؟ جاز لما ذكرنا قبل هذا، سئل شمس الأئمة الحلواني عن مسجد وحوض خرب ولا يحتاج إليه لتفرق الناس، هل للقاضي أن يصرف أوقافه إلى مسجد آخر؟ قال: نعم ولو لم يتفرق الناس ولكن استغنى الحوض عن العمارة وهناك مسجد يحتاج إلى العمارة أو على العكس، هل يجوز للقاضي صرف وقف ما استغني للعمارة إلى ما هو محتاج إلى العمارة؟ قال: لا.
رباط استغني عنه وله غلة فإن كان بقربه رباط صرفت الغلة إلى ذلك، وإن لم يكن بقربه رباط يرجع إلى ورثة الذين بنوا الرباط، هكذا ذكر المسألة في «فتاوي أبي الليث» قال الصدر الشهيد رحمه الله في «واقعاته» : وفيه نظر فيتأمل عند الفتوى، وقيل: إن عرف من بناه فالتصرف له وإن لم يعرف فالتصرف للقاضي.