الصواب، فجعل لأولئك باطل؛ لأنه صار حقاً للفقراء فلا يملك تغيير حقهم إلا إذا شرط في الوقف أن يصرف عليها إلى من شاء، رجل وقف ضيعة له على امرأته وأولاده فماتت المرأة لم يكن نصيبها لابنها خاصة إذا لم يكن في الوقف شرط من مات منهم رد إلى أولاده، بل يكون على جميع الورثة.
مريض قال: أخرجوا نصيبي من مالي يخرج من الثلث من ماله لأن ذلك نصيبه، قال عليه الصلاة والسلام:«إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم» الحديث، حانوت وقف ماله إلى حانوت آخر، ومال الثاني إلى الثالث وتعطلت الحوانيت وأبى قيم الوقف العمارة، فهذا على وجهين:
الأول: أن يكون حانوت الوقف غلة يمكن عمارتها منها، والحكم فيه لصاحبي الحانوت أن يأخذ القيم برد ما مال عنه إلى حد الوقف؛ لأنهما تضررا بذلك (٢٩أ٣) وإنه هو المتعين لدفع هذا الضرر.
الوجه الثاني: أن لا يكون لحانوت الوقف غلة يمكن عمارتها منها وفي هذا الوجه: يرفعان الأمر إلى القاضي ليأمر القيم بالاستدانة على الوقف لإصلاحه؛ لأن الأمر بالاستدانة هنا يعين لدفع الضرر، والقاضي هو المتعين لدفع الضرر.
حائط بين دارين أحدهما وقف انهدم ذلك الحائط فبناه صاحب الدار الوقف كان للقيم أن يأخذه ببعضه؛ لأنه يصرف في الدار الموقوفة، فلو أراد القيم أن يعطي قيمة بنائه ليكون المبني للوقف ليس للقيم أن يجبره على ذلك، وقد مر جنس هذا فيما تقدم وسيأتي بعد هذا إن شاء الله.
وإن أراد أن يعطيه قيمة البناء برضاه لم يجز أيضاً؛ لأنه لو أجاز لما ضاع ما وراء هذا الحائط من دار الوقف فيكون المتعين هو النقص، رجل وقف أرضاً على حفدته من كان منهم فقيراً وله حفده عنده فرس يساوي مئتي درهم فإن أمسك الفرس للجهاد أو للركوب لما أن به زمانة يعطى من الوقف؛ لأنه فقير، وإن أمسكه مسرفاً لا يعطى إذا لم يكن عليه دين ولا مهر؛ لأنه عفي.
رجل عليه ديون وله ضيعة تساوي عشرة آلاف درهم وشرط صرف غلاتها إلى نفسه قصداً منه إلى المماطلة وشهدت الشهود على إفلاسه جاز الوقف وجازت الشهادة، أما جواز الوقف فلمصادفته ملكه، وجواز الوقف مع هذا الشرط قول أبي يوسف على ما مر قبل هذا.
أما جواز الشهادة فلأنها صدق؛ لأن الرقبة خرجت عن ملكه، فإن فضل من قوته شيء من هذه الغلات فللغرماء أن يأخذوا منه؛ لأن الغلات بقيت على ملكه.
القاضي إذا أطلق بيع وقف غير مسجد هل يكون ذلك منه حكماً ببطلان الوقف؟