ينظر إن أطلق لوارث الواقف يكون حكماً ويجوز البيع، وإن أطلق لغير وارث الواقف لا يكون حكماً ولا يجوز البيع، وهذا لأن الوقف لو بطل يعود إلى ملك وارث الواقف، وبيع مال الغير لا يجوز، سئل شمس الإسلام محمود الأوزجندي عمن باع محدوداً قد وقفه وكتب القاضي الشهادة على الصك لا يكون ذلك قضاءً بصحته، وهذا صحيح ظاهر؛ لأن للقضاء شرائط من الشهادة والدعوى وغير ذلك ولم يوجد ذلك ههنا.
سئل شمس الإسلام الحلواني عن أوقاف المسجد إذا تعطلت وتعذر استغلالها هل للمتولي أن يبيعها ويشتري مكانها أخرى؟ قال: نعم، قيل: إذا لم يتعطل ولكن يوجد بثمنها ما هو خير منها هل له أن يبيعها؟ قال: لا، ومن المشايخ من لم يجوز بيع الوقف تعطل أو لم يتعطل، وكذا لم يجوز الاستبدال بالوقف، وهكذا حكى فتوى شمس الأئمة السرخي رحمه الله في فصل العمارة إذا ضعفت الأراضي الموقوفة عن الاستغلال والقيم يجد بثمنها أرضاً أخرى هي أكثر ريعاً أن له أن يبيع هذه الأرض ويشتري بثمنها ما هو أكثر ريعاً.
وفي «المنتقى» : قال هشام: سمعت محمداً رحمه الله يقول في الوقف: إذا صار بحيث لا ينتفع به المساكين فللقاضي أن يبيعه ويشتري بثمنه غيره، وليس ذلك إلا للقاضي. في «واقعات الناطفي» : رجل جعل فرساً حبساً في سبيل الله فليس لأحد أن يؤاجره؛ لأنه أعد لأمر آخر إلا إذا احتيج إلى نفقتها فتؤاجر بقدر ما ينفق عليها.m
قال الناطفي رحمه الله: هذه المسألة دليل أن المسجد إذا احتاج إلى النفقة يؤاجر قطعة منه بقدر ما ينفق عليه، فيه أيضاً: متولي الوقف إذا أخذ الغلة ومات ولم يبين ماذا صنع لم يضمن، فالإمارة باب ينقلب مضمونه بالموت عن تجهيل إلا في مسائل معدودة، من جملتها هذه المسألة، وقد ذكر مهامها في الوديعة.
في «فتاوي الفضلي» : رجل وقف ضيعة بلفظة الصدقة على ولديه، فإذا انقرضا فعلى أولادهما وأولاد أولادهما أبداً ما تنسلوا، فإذا انقرض أحد الولدين وخلف ولداً يصرف نصف الغلة إلى الولد الباقي والنصف إلى الفقراء، فإن مات الولد الثاني من ولدي الواقف صرفت الغلة كلها إلى أولادهما؛ لأن شرط الواقف مراعى في صحته، جعلت داري صدقة موقوفة على المحتاجين من ولدي وليس في ولده إلا محتاج واحد فله النصف من غلة الأرض والنصف الآخر للفقراء عملاً بقوله: صدقة موقوفة، أراد المتولي أن يفرض ما فضل من غلة الوقف.
ذكر في «فتاوي أبي الليث» رجوت أن يكون ذلك واسعاً إذا كان أصلح وأحرز للغلة من إمساك الغلة، ولو أراد أن يصرف فضل الغلة إلى حوائجه على أن يرده إذا احتيج إلى العمارة فليس له ذلك، وينبغي أن يتنزه غاية التنزه، فإن فعل مع ذلك ثم أنفق في العمارة رجوت أن يكون ذلك ميراثاً لا له عما وجب عليه. وفي «فتاوي الفضلي» : أنه براء عن الضمان مطلقاً، ولو جاء بمثل ما أنفق في حاجته وخلط بدراهم الوقف صار ضامناً للباقي؛ لأنه صار مستهلكاً، فلو أراد أن يبرأ عن الضمان يفعل أحد الوجهين: إما أن