لتصيد بها فما كان من ذلك فهو للمشتري، زاد في «كتاب العلل» وإن بيد البائع الخيط وكان البائع كالعون له؛ لأن المشتري إنما ترك المشدودة ليصطاد بها، فهو بمنزلة ما لو نصب شبكة ووقع صيد فقال الآخر: مد فم الشبكة ففعل.
وفي «نوادر هشام» عن محمد: رجل اشترى من آخر داراً بالكوفة وهما ببغداد وقبض الثمن ولم يسلم الدار، خاصمه المشتري فيها فإن القاضي يأمر بائع الدار أن يوكل وكيلاً يشخص مع المشتري إلى الكوفة فيأخذ الدار ويأخذ المشتري كفيلاً من البائع بنفسه، ويوكل المشتري ههنا وكيلاً بخصومة البائع، ثم يخرج المشتري إلى الدار مع الوكيل ويكتب: قاضي بغداد له إلى قاضي الكوفة فيأخذ الدار ويأخذ المشتري كفيلاً بخصومة البائع بما استقر عنده من أمرها، فإن كتب قاضي الكوفة إلى قاضي بغداد أن الوكيل لم يسلم الدار، يعني جحد الوكالة وأعادها لنفسه حبس القاضي البائع في السجن حتى يسلم وكيله الدار.
وفي «فتاوي أبي الليث» : إذا باع داراً وسلمها إلى المشتري وفيها متاع قليل للبائع لا يصح التسليم حتى يسلمها إليه فارغة؛ لأن يد البائع قائمة، وقيام يد البائع تمنع صحة التسليم، وإن أذن البائع للمشتري بقبض الدار والمتاع صح التسليم؛ لأن المتاع صار وديعة عند المشتري، فزالت يد البائع عن الدار، وكذلك إذا باع أرضاً فيها زرع البائع وسلم الأرض إلى المشتري لا يصح التسليم، ذكر محمد رحمه الله في «السير الكبير:» إذا ولى الإمام رجلاً بيع المغانم فجعل ذلك الأرماك في حظيرة وباع رمكة منها وقال للمشتري: ادخل الحظيرة واقبض الرمكة فخليت بينك وبينها، فدخل الرجل الحظيرة لقبض الرمكة، فعالجها فأفلتت منه وخرجت من باب الحظيرة وذهبت ولا يدري أين ذهبت، ينظر في ذلك إن كان المشتري لا يقدر على أخذها فالهلاك على البائع؛ لأن المشتري لم يصر قابضاً لها لا حقيقة وهذا ظاهر، ولا حكماً لأنه لم يتمكن من قبضها، إذا كان لا يقدر على أخذها، وإن كان المشتري يقدر على أخذها فالهلاك على المشتري؛ لأنه صار قابضاً لها حكماً، ثم في هذا الوجه يستوي الجواب بينهما إذا كان يقدر المشتري على أخذها من غير كلفة ومشقة وبين ما إذا كان يقدر على أخذها بكلفة ومشقة، ففي الحالين جميعاً يصير قابضاً لها بالتخلية؛ لأن المعتبر في هذا الباب التمكن من القبض لا غير. ألا ترى أن من اشترى من آخر صبرة عظيمة مشاراً إليها وخلى البائع بينها وبين المشتري صار قابضاً لها، وإن كان لا يقدر على قبضها إلا بكلفة ومشقة وإن كان المشتري لا يقدر على أخذها وحده ويقدر على أخذها لو كان معه أعوان أو له فرس ينظر إن كان الأعوان أو الفرس معه يصير قابضاً.
وإن كانت الرمكة في يد البائع وهو يمسك لها فقال المشتري: هاك الرمكة فأثبت المشتري يده عليها أيضاً حتى صارت الرمكة في أيديهما والبائع يقول للمشتري: خليت بينها وبينك وأنا أمسكها منعاً لها، وإنما أمسكها حتى يضبطها فانفلتت في أيديهما فالهلاك على المشتري؛ لأن المشتري قابض لنصفها حقيقة ولنصفها حكماً لتمكنه منه؛ لأن البائع لا يمنعه من ذلك، فإن قيل: الرمكة في يد البائع حقيقة، وقيام يد البائع عنها يمنع بثبوت يد غيره عليها، قلنا: قيام يد الإنسان على المحل يمنع ثبوت يد غيره عليه على طريق تمكين المشتري وإعانته عليه إياه على تقدير يده، فلا يمنع ذلك صحة قبض المشتري.
وإن كانت الرمكة في يد البائع ولم تصل إليها يد المشتري فقال البائع للمشتري: خليت