وفي «العيون» : إذا اشترى من آخر حنطة في بيت ودفع البائع المفتاح إلى المشتري وقال: خليت بين الحنطة وبينك فهذا قبض، ولو دفع المفتاح إليه ولم يقل: خليت بينها وبينك فهذا ليس بقبض، ولو قال: خذ لا يكون قبضاً، ولو قال: خذه فهو قبض إذا كان يصل إلى أخذه ومرآه.
في «أجناس الناطفي» وفي «فتاوي الفضلي» إذا قال لغيره: بعت منك هذه السلمة وسلمتها إليك فقال ذلك الغير: قبلت لم يكن هذا تسليما حتى يسلمه بعد البيع، فإنما يعتبر بعد تمام البيع، ثم لاخلاف أن بالتخلية يقع القبض إذا كان المعقود عليه يقربهما، فأما إذا كان يبعد عنهما فقد ذكر الناطفي في «أجناسه» وهشام في «نوادره» فيمن باع من آخر دارا غائبه فقال البائع للمشتري: سلمتها إليك، وقال المشتري: قبضتها كان ذلك قبضا في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان يقدر على دخولها وأعلامها كان قبضا.
قال في «العيون» : وكذلك الهبة والصدقة وأشار الخصاف في «شرح الحيل» أن التخلية تقع بالقبض وإن كان المعقود عليه يبعد عنهما، قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: ذكر في «النوادر» أن الرجل إذا باع ضيعته وخلى بينها وبين المشتري إن كانا بقرب من الضيعة يصير المشتري قابضا، وإن كانا ببعد عنها لا يصير قابضا، قال محمد رحمه الله: والناس عن هذا غافلون، فإنهم يشترون الضيعة في السواد ويقرون (٣٨ب٣) بالقبض والتسليم في المصر، وذلك مما لا يصح به القبض إلا رواية شاذة عن أبي يوسف رحمه الله.
قال: ولا يؤخذ بتلك الرواية ولا يعمل بها، وفي «فتاوي الفضلي» : إذا باع دار إنسان ببلدة أخرى ولم يسلمها إليه إلا باللفظ ثم امتنع المشتري عن تسليم الثمن كان له ذلك؛ لأن تسليم الثمن إنما يجب عند قدرة البائع على تسليم المبيع، والبائع في هذه الصورة غير قادر على تسليم المبيع في الحال، فهذه المسألة دليل أن بالتحلية لا يقع القبض إذا كان المعقود عليه يبعد من المتعاقدين، وفي «نوادر هشام» عن محمد: رجل اشترى من آخر سمكة وهي مشدودة بخيط في الماء فقبضها المشتري، كذلك ثم ناول الخيط البائع وقال: احفظها فجاءت سمكة وابتلعت المشدودة، فالتي ابتلعت المشدودة للبائع إذا كان البائع هو الذي مد الخيط وأخرجها؛ لأنه هو الذي صادها، وأما المشدودة فهي للمشتري، فإن كانت المشدودة هي ابتلعت الماسة فهما جميعاً للمشتري سواء كان المشتري قبض المشدودة أو لم يقبضها؛ لأن الماسة كسب ملكه، وإن كان المشتري لم يقبض المشدودة فابتلعت الماسة المشدودة فالمشتري بالخيار: إذا خرجت المشدودة من بطن الذي ابتلعتها وقد ضرب بها لمن شاء، وإن شاء ترك.
وفي «كتاب العلل» قال: إذا أخذ البائع الآكلة وسلم المشدودة إلى المشتري جاز، وإن عجز عن تسليم الآكلة فقد عجز عن تسليم المبيع صح المشتري، كما لو أبق العبد المشترى قبل القبض، وإن كان المشتري قبض السمكة المشدودة ثم قال للبائع: أمسكها