المشتري البائع أو أودعه إياه أو آجره منه، فإن المشتري لا يصير قابضاً به؛ لأن يد البائع ثابتة على المحل للحبس، فلا يتصور ثبوتها بجهة أخرى مع قيام الأولى كما كانت صار الحال بعد هذا التصرفات والحال قبلها سواء.
في «الجامع» : إذا قال المشتري للبائع: قل للعبد يعمل لي كذا، فأمره البائع فعمل صار المشتري قابضاً؛ لأنه جعل البائع رسولاً ينتقل إلى المرسل، فكأن المشتري قال للعبد: اعمل كذا فعمل، وهناك ينتقل المشتري قابضاً كذا ههنا. ولو كان المشتري أجره من البائع شهراً فاستعمل البائع بحكم الإجارة لا يلزمه الأجر؛ لأن هذه إجارة فاسدة، وفي الإجارة الفاسدة إنما يجب الأجر باستيفاء المنافع إذا وجد التسليم إلى المستأجر، ولم يوجد التسليم هنا إلى المستأجر إذ ليس للمشتري آلة التسليم وهو اليد، إنما اليد للبائع والبائع لا يصلح نائباً عن المشتري في القبض، فلم يتحقق التسليم، فكيف يجب الأجر؟.
في «النوازل» : إذا اشترى عبداً بثمن معلوم فلم يقبضه حتى أمر البائع أن يؤاجره من إنسان معين، فأجره جاز ويصير المشتري قابضاً له، والغلة التي يأخذها البائع تجب من الثمن؛ لأن الأمر من المشتري قد صح؛ لأنه صادف ملكه والمستأجر ينتصب نائباً عنه في القبض ثم يصير قابضاً لنفسه بحكم العقد.
وفي «العيون» : إذا اشترى غلاماً فلم يقبضه حتى وهبه لرجل أو رهنه وأمره بالقبض فقبض جاز، ولو آجره وأمر المستأجر بالقبض لم يجز والفرق أن الهبة والرهن إنما تصح بعد التسليم، وعند التسليم يصير قابضاً فيكون الرهن والهبة نافذاً بعد قبض المشتري، ولا كذلك الإجارة.
في «نوادر ابن سماعة» عن محمد: رجل اشترى من آخر كر حنطة بعينه وكر شعير بعينه، فلم يقبضه المشتري حتى خلطهما البائع، قال: يقوم كر من هذا أي من المخلوط ويقوم الحنطة قبل الخلط ثم يقسم ثمن الحنطة عن المشتري ما دخل الحنطة من النقصان ويأخذ (٤٢أ٣) المشتري الكر ويأخذ الشعير بثمنه. وكذلك لو باعه رطلاً من زنبق ورطلاً من بنفسج، فخلطهما. ولو باعه (رطلاً) من زنبق ومئة رطل من زيت وخلط الزنبق بالزيت فقد بطل في الزنبق البيع؛ لأن البائع استهلكه وللمشتري أن يأخذ الزيت إن أحب، فيأخذ مئة رطل ولا خيار فيه وإن كان ذلك لم ينقصه.
و (لو) أن رجلاً كان في خابيته زيت عشرة أرطال، فاشتراها منه رجل فلم يقبضها حتى خلطها البائع بما في الخابية كان المشتري في أخذه بالخيار؛ لأن البائع خلطها بمتاعه.
رجل باع من رجل عبداً بألف درهم فلم يقبضه المشتري، باعه البائع من رجل آخر ودفعه إليه فمات في يد المشتري الثاني أو وهبه له ودفع إليه ومات في يده، أو أعاره إياه ودفعه إليه فمات في يده، فالمشتري الأول بالخيار إن شاء نقض البيع واسترد الثمن إن كان قد دفع الثمن، وإن شاء أمضى البيع وضمن المشتري الثاني قيمة العبد يوم قبضه،