للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك في الهبة والعارية، ولا يرجع الموهوب له ولا المستعير على البائع بشيء، وإن اختار الأول نقض البيع ونقضه، فللبائع أن يُضَمِّن المشتري الثاني قيمته يوم دفعه إليه، وكذلك في الهبة والعارية؛ لأن العبد إنما صار له بعد قبض المشتري الأول وبيعه.

ولو كان البائع آجره من رجل أو أودعه إياه فمات في يده انتقض البيع ولا سبيل للمشتري على تضمين واحد منهما؛ لأنه إن ضمنه رجع به على البائع، وإذا كان كذلك صار كأنه مات في يد البائع والرهن نظير الإجارة والوديعة رواه هشام عن محمد رحمه الله. وعن أبي يوسف: إذا أودع البائع العبد المبيع قبل التسليم إلى المشتري من رجل ودفعه إليه أو أعاره إياه أو أجره ودفعه إليه، فمات عنده من غير عمله، فلا ضمان عليه ولا على البائع.

ولو مات عبد المستعير من عمله المودع فمات من ذلك، فإن شاء المشتري أمضى البيع واتبع المستعير والمستودع بالقيمة، وإن شاء نقض البيع وكان للبائع أن يضمن المستودع القيمة؛ لأنه استعمله بغير أمره وليس له أن يضمن المستعير؛ لأنه استعمله بأمره، وأما المستأجر فإن عطب من عمله فليس للمشتري أن يضمنه؛ لأنه لو ضمنه رجع على البائع؛ لأن البائع غره وليس على المستعير غرر.d

ولو كان البائع أجر رجلاً أن يقتله فقتله فالمشتري بالخيار إن شاء ضمن القاتل قيمته ودفع الثمن إلى البائع، وإن شاء نقض البيع، فإن ضمن القاتل فالقاتل لا يرجع على البائع؛ لأن القتل ليس فيه غرر، ولو كان مكان العبد ثوباً فقال البائع لخياط: اقطعه لي قميصاً بأجر أو بغير أجر لا يكون للمشتري أن يضمن الخياط؛ لأن الخياط يرجع بالقيمة على البائع.

رجل باع شاته من رجل وأمر البائع رجلاً حتى ذبحها، فإن كان الذابح يعلم بالبيع فللمشتري أن يضمن الذابح ولا يرجع الذابح به على الآمر، وإن كان الذابح لا يعلم بالبيع لم يكن للمشتري أن يضمنه؛ لأنه لو ضمنه يرجع به على البائع الآمر، فيصير كأن البائع ذبح بنفسه.

نوع آخر

فيما يلزم المتعاقدين من المؤنة في تسليم المبيع والثمن: الأصل أن مطلق العقد يقتضي تسليم المعقود عليه وقت العقد، ولا يقتضي تسليمه في مكان العقد، هذا هو ظاهر مذهب أصحابنا، حتى إنه لو اشترى حنطة وهو (في) المصر والحنطة في السواد يجب تسليمها بالسواد. ومن الناس من قال: يجب تسليمها حيث عقدا العقد قبيل باب السلم. ذكر ابن سماعة في «نوادره» عن محمد رحمه الله: أن من اشترى تمراً على نخل، فجزه على المشتري. في «المنتقى» : أنه إذا باعه مجازفة فالجواب كذلك، وإذا باعه مكايلة فعلى البائع أن يقطعه ويكيله، وكذلك الجز والقطع والتسليم على المشتري، وكذلك قلع البصل هكذا ذكر في رواية ابن سماعة. وذكر في «المنتقى» أن على البائع قلع أنموذج قدر ما برأه المشتري، فإذا رضي به كان القلع على المشتري. وفي «المنتقى» : إذا اشترى

<<  <  ج: ص:  >  >>