وإذا باع درهماً كبيراً بدرهم صغير أو درهماً جيداً بدرهم صغير رديء يجوز؛ لأن لهما فيه غرضاً صحيحاً.
فأما إذا كانا مستويين في القدر والصفة فبيع أحدهما بالآخر هل يجوز وهل يصير مثله ديناً في الذمة؟ واختلف المشايخ قال بعضهم: لا يجوز، وإليه أشار محمد رحمه الله في «الكتاب» : وبه كان يفتي الحاكم الإمام أبو أحمد.
وإذا اشترى من آخر ألف درهم بمائة دينار ونقد مشتري الدراهم الدينار ولم ينقد بائع الدراهمِ الدراهمَ وقد كان لبائع الدراهم (٤٧أ٣) على مشتري الدراهم ألف درهم دين قبل عقد الصرف، فقال بائع الدراهم لمشتري الدراهم: اجعل الألف التي وجب لك علي بعقد الصرف بالألف التي لي عليك ورضي به المشتري جاز، وهذا استحسان.
والقياس: أن لا يجوز. ولقب المسألة أن المتصارفين إذا تقاصّا بدل للصرف بدين وجب قبل عقد الصرف جاز استحساناً؛ لأنهما لما قصدا وقوع المقاصة فقد حولا عقد الصرف إلى ذلك الدين، ولو أضافا إليه العقد في الابتداء بأن اشترى بالعشرة التي له ديناراً وبقبض الدينار في المجلس يجوز، فكذا إذا حولا العقد إليه في الانتهاء، وهذا لأنهما قصدا تصحيح هذه المقاصة وتحويل الصرف إلى ذلك الدين. طريق تصحيح هذه المقاصد وما يتوصل به إلى المقصود يكون مقصوداً لكل أحد.
ولهذا شرطنا التراضي منهما على المقاصة وإن كان في سائر الديون يقع المقاصة بدون التراضي؛ لأن هذا تحويل العقد إلى ذلك الدين والعقد قديم بهما، فالتصرف فيه بالتحويل لا يكون إلا بتراضيهما، وأما المقاصة بدين وجب بالشراء بعد عقد الصرف بأن اشترى رجل من رجل دراهم بدينار ونقد الدينار ولم يقبض الدراهم حتى اشترى مشتري الدراهم من بائع الدراهم ثوباً بدراهم، فقال بائع الدراهم: اجعل الدراهم التي عليك بالدراهم التي لك علي بعقد الصرف، وتراضيا عليه؛ ذكر في رواية أبي سليمان أنه يجوز، وإليه أشار في «الزيادات» . وذكر في رواية أبي حفص: أنه لا يجوز وهو الأصح.
وجه ذلك: أنهما يملكان تحويل العقد إلى ما كان يصح منهما إضافة العقد إليه في الابتداء، وذلك في الدين (الذي) سبق وجوبه على عقد الصرف لا في الدين الذي تأخر وجوبه عن عقد الصرف.
قال محمد رحمه في «الجامع» : وإذا بيعت الدراهم المغشوشة بالفضة الخالصة فهو على ثلاثة أوجه:
الأول: أن تكون الفضة فيها مغلوبة بأن كان ثلثا هذه الدراهم صفراً وثلثها فضة فبيع بعض هذه الدراهم بالفضة الخالصة وزناً بوزن، فإن كان وزن الفضة الخالصة مثل وزن هذه الدراهم المغشوشة يجوز؛ لأن قدر ما في الدراهم المخلوطة من الفضة يقابله من الفضة الخالصة مثل وزنه، والباقي من الفضة الخالصة بإزاء الصفر الذي في الدراهم، فيقع الأمن عن الربا. وإن كانت الفضة الخالصة مثل وزن ما في الدراهم المخلوطة من الفضة كان باطلاً؛ لأن الصفر لا يقابله شيء من هذه الصفرة فيكون ربا، وكذلك إن كانت