للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «العيون» : اشترى رجل نخلة فيها تمر وتواضعا على أن لأحدهما النخلة وللآخر الرطب، فالبيع جائز ويقسم الثمن على قيمتها؛ لأن كل واحد منهما تفرد بالبيع.

وكذا لو اشترى أرضاً فيها نخيل على أن لأحدهما الأرض وللآخر النخيل جاز، ولصاحب الشجر أن يقلعه، فإن كان في قلعه ضرر بيّن فهو بينهما؛ لأنه حينئذ بمنزلة الفص مع الخاتم، والحلية مع السيف، ويجوز شراء الشجرة بشرط القلع، وأما شراؤها بشرط القطع فقد اختلف المشايخ فيه، والصحيح أنه يجوز.

في شفعة شيخ الإسلام في شفعة الأرضين والأنهار: وأما بيع الثمار على الأشجار فهو على وجهين:

الأول: أن يبيعها قبل الطلوع أي قبل الظهور، وفي هذا الوجه لا يجوز البيع.

الوجه الثاني: أن يبيعها بعد الطلوع وإنه على ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يبيعها قبل أن تصير منتفعاً بأن لم يصلح لتناول بني آدم وعلف الدواب، وفي هذا اختلاف المشايخ ذكر شمس الأئمة السرخسي، وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده: لا يجوز، وذكر الشيخ أبو الحسن القدوري والقاضي الإمام الإسبيجابي أنه يجوز، وإليه أشار محمد رحمه الله في كتاب الزكاة في باب الغرر في «الجامع» في كتاب الإجارات.

والحيلة في ذلك: حتى يجوز البيع على قول الكل أن يبيعه مع أوراقه بأن يبيع الكمثرى في أول ما يخرج من ورده مع أوراقه، فيجوز في الكمثرى تبعاً للبيع في الأوراق، ويجعل كأنه ورق كله حتى يجوز البيع.

الوجه الثاني: إذا باعه بعدما صار منتفعاً به، وتناهى عظمه، ولا شك أن في هذا الوجه يجوز البيع إذا باعه مطلقاً أو بشرط القطع.

وإن باع بشرط الترك فالقياس: أن لا يجوز، وبه أخذ أبو حنيفة وأبو يوسف، وفي الاستحسان: يجوز، وبه أخذ محمد.

وجه ما ذهب إليه محمد رحمه اللَّه: أن شرط الترك لو أوجب فساد العقد في هذه الصورة، إما أن يوجب من حيث إنه بيع شرط فيه إجارة أو عارية ولا وجه إليه؛ لأن إجارة النخل وإعارته لا تتحقق، أو من حيث إنه شرط فيه زيادة مال يحصل للمشتري من ملك البائع سوى المبيع ولاوجه إليه أيضاً؛ لأنه تناهى عظمه بخلاف ما إذا لم يتناه عظمه؛ لأن فيه اشتراط زيادة من مال البائع سوى المبيع.

فأما أبو حنيفة وأبو يوسف: ذهبا في ذلك إلى أنه شرط في هذا البيع ما لا يقتضيه العقد، ولأحد العاقدين فيه منفعة.

بيانه: أنه إن كان لا يثبت بهذا الشرط إجارة أو عارية أو زيادة مال من مال البائع سوى المبيع يحصل للبائع زيادة وطراوة وللمشتري فيه منفعة، والبيع لا يقتضي هذا، ومثل هذا الشرط يوجب فساد البيع.

الوجه الثالث: إذا باعه بعدما صار منتفعاً إلا أنه لم يتناه عظمه وفي هذا الوجه البيع

<<  <  ج: ص:  >  >>