الأول: أن لا يكون في القطع ضرر بين بالأرض وأصول الأشجار، وفي هذا الوجه له أن يقطعها؛ لأنه يتصرف في ملكه.
الثاني: أن يكون في القطع ضرر بين بالأرض وأصول الأشجار، وفي هذا الوجه ليس له أن يقطع دفعاً للضرر عن صاحب الأرض والأشجار.
وإذا لم يكن للمشتري ولاية القطع في هذه الصورة ماذا يصنع؟ اختلف المشايخ فيه بعضهم قالوا: يدفع صاحب الأشجار قيمة الأشجار إلى مشتريها وتصير الأشجار له، واختلفوا فيما بينهم أنه يدفع قيمتها مقطوعة أو قائمة.
عامتهم على أنه يدفع قيمتها قائمة؛ لأنه يتملكها قائمة وهو الصحيح، وبعضهم قالوا: ينتقض البيع بينهما في الأشجار ويرد صاحب الأرض على المشتري ما دفع إليه من ثمن الأشجار؛ لأنه عجز عن التسليم معنى، وبه كان يفتي الفقيه أبو جعفر الهندواني، واختاره الصدر الشهيد في «واقعاته» : وهكذا كان يفتي في جنس هذه المسألة نحو بيع الأوراق وغير ذلك.
في «فتاوي أهل سمرقند» : طلب الرجل من آخر أن يبيع منه أشجاراً في أرضه للحطب، فاتفقا على رجال من أهل البصر لينظروا إلى أشجار بعينها أنها كم وقراً تكون من الحطب، فاشتراها بثمن معلوم، فلما قطعها كانت أكثر من خمسة وعشرين وقراً، فأراد البائع أن يمنع الزيادة ليس له ذلك؛ لأن هذا وصف الشجر فيطيب للمشتري كالزيادة في الثوب.
وفي «فتاوي أبي الليث» : رجل (عنده) مشجرة جعل على بعض الأشجار علامة، فباع المشجرة إلا الأشجار التي عليها العلامات، فقطع المشتري الأشجار ثم ادعى البائع على المشتري أنك قطعت بعض الأشجار التي عليها العلامة، وأنكر المشتري فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأنه منكر.
وإن ادعى البائع أنه كسر أغصان الأشجار التي عليها العلامة، وقال المشتري: لم أتعمد ذلك ولكن لم يكن منه بد إذا قطعت أشجاري، فإن كان ذلك مما يمكن التحرز عنه فعليه ضمان النقصان؛ لأنه غير مأذون من جهة البائع في ذلك، وإن كان ذلك مما لا يمكن التحرز عنه فلا ضمان؛ لأنه مأذون من البائع في ذلك دلالة.
وفي «واقعات الناطفي» : إذا باع شجراً وعليه ثمرة قد أدرك أو لم يدرك جاز، وعلى البائع قطعه من ساعته؛ لأن المشتري يملك الشجرة فيجبر البائع على تسليمها فارغة، وكذلك لو أوصى بنخلة لرجل وعليه تمر ثم مات الموصي أجبر الورثة على قطع التمر وهو المختار من الرواية.
وفي «فتاوي أهل سمرقند» : شجرة جوز أصلها واحد ولها فرعان باع صاحبها أحد الفرعين جاز إن عين موضع القطع ولم يكن في القطع ضرر؛ لأن هذا بيع استجمع شرائطه، باع نصيباً له من الشجرة بغير إذن شريكه وبغير رضا، فإن كانت الأشجار قد بلغ أوان قطعها فالبيع جائز؛ لأن المشتري لا يتضرر بالقسمة، وإن لم يبلغ أوان قطعها لم يجز؛ لأن المشتري يتضرر بالقسمة.