ونصف وفي بعضها دانقين قال: لا يجوز من قبل أن الفضة غالب فلا يجوز إلا مثلاً بمثل وزناً (بوزن) قال: ولو كان النحاس غالباً لا يجوز أيضاً إلا مثلاً بمثل، وفي زمن العطارف ببخارى أكثر المشايخ كانوا يفتون بجواز بيع عطريفة بعطريفتين يداً بيد وكانوا يقولون: في كل عطريفة سدس فضة فإن بيع منها الثنتان أو ثلثه أو أربعه أو خمسه بدرهم فضة خالصة يجوز، ويجعل من الفضة الخالصة بمثل الفضة التي في العطارف والفضل بإزاء النحاس.
وسئل أبو حنيفة عن الدراهم البخارية إذا كان الغالب فيها النحاس فقال: هي بمنزلة الفلوس، وكان الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله لا يفتي بجواز بيع العطارف واحداً باثنين، وكان يقول: تقررت العطارف ثمناً في بلادنا بحيث لا تتبدل ولا تتغير فالتحقت بالدراهم الجياد.
وروى بشر عن أبي يوسف أنه قال: إذا كان النحاس هو الغالب على الفضة في الدراهم وكل واحد منهما يتخلص على حدة إن خلص لم يجز أن يشتريها إلا بأكثر من الفضة التي فيها، وإن كان يحترق الفضة ويبقى النحاس فهو نحاس كله لا بأس بأن يشتريها بأقل من الفضة التي فيها، وهي بمنزلة الفلوس لا تحتسب بالفضة التي تحترق فلا يبقى. وإن كانت الفضة تبقى والصفر تحترق بل تحتسب بالصفر وعومل به كما يعامل بالفضة، ثم قال: كل شيء من ذلك يحترق فيذهب ويذوب لم يحتسب به.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: رجل اشترى من آخر ديناراً بعشرين درهماً وقبض الدينار ولم يدفع الدراهم حتى وهب الدينار لبائعه ثم فارقه قبل أن يدفع إليه الدراهم قال: الهبة في الدينار جائزة ولبائع الدينار على مشتري الدينار دينار مثله؛ لأن بالافتراق قبل قبض الدراهم بطل عقد الصرف، فوجب على المشتري رد ما قبض من الدينار وقد عجز عن رد عينه، فيلزمه فلم يحكم بانتقاض الهبة ببطلان عقد الصرف.
وروى بشر عن أبي يوسف: أن البيع باطل والهبة باطلة؛ لأنها بناء على البيع وقد بطل البيع بالافتراق ولا شيء على المشتري لبائع الدينار؛ لأن بانتقاض الهبة رجعت الهبة إلى بائعها بحكم قديم ملكه فلا شيء له غير ذلك.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: رجل له على رجل كر حنطة فباعه إياه بعشرة دراهم على أن مشترى الكر فيه بالخيار إلى أجل مسمى وقبض الدراهم قال: هذا فاسد؛ لأن مشتري الكر لم يملك الدراهم حين شرط الخيار لنفسه في الكر. فهذا دين بدين؛ لأنه اشترى الكر وهو دين بعشرة دراهم وهو دين حين لم يملكها من بائع الكر واللَّه أعلم.
(٤٨أ٣) نوع آخر
في بيع الأشجار وفي بيع الثمار والكرم والأوراق والمبطخة وفي بيع الزرع والرطبة والحشيش: ذكر في «فتاوي أبي الليث» : رحمه الله فيمن اشترى أشجاراً ليقطعها من وجه الأرض، فلم يفعل حتى أتى على ذلك مدة وجاء أوان الصيف فأراد المشتري أن يقطعها، فهذا على وجهين: