للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كانت الدراهم ثلثاها فضة وثلثها صفراً فهي بمنزلة الدراهم الزيوف والنبهرجة إن اشترى بها إن لم يكن مشاراً إليها لا يجوز الشراء إلا وزناً كما لو كان الكل فضة زيفاً، ولهذا لم يجز استقراضها إلا وزناً، وإن كان مشاراً إليها يجوز الشراء بها من غير وزن كما في الدراهم الزائفة، وإن كانت الدراهم نصفها صفراً ونصفها فضة، فالجواب فيما إذا كانت الدراهم ثلثاها صفراً وثلثها فضة سواء عند الاستواء لا تصير الفضة تبعاً للصفر، فلا يجوز الشراء في حق الفضة إلا بطريق الوزن، فكذا في حق الصفر.

ولو اشترى رجل من آخر ثوباً بدراهم بعينها من التي ثلثاها صفر وهي عندهم وزناً أو عدداً فلم يتفرقا حتى ضاعت لم ينتقض البيع حتى يعطيه مثلها؛ لأنها إن كانت تباع عدداً فهي بمنزلة الفلوس الرائجة، وأيهما كان لا يتعين بالتعيين فهلاكها لا يوجب انتقاض البيع، وهذا إذا علم عددها أو وزنها حتى يتمكن المشتري من اعطاء مثلها عدداً أو وزناً كما قال محمد رحمه الله في «الكتاب» : أما إذا لم يعلم ينتقض البيع؛ لأن الثمن يصير مجهولاً فلا يتهيأ للمشتري رد مثل المشار إليه والحالة هذه.

وإن كانت الدراهم ثلثاها فضة وثلثها صفراً فهو بمنزلة الدراهم النبهرجة والزيوف لا ينتقض البيع بهلاكها ويرد مثلها وزناً إن علم وزن المشار إليه، فإن لم يعلم وزن المشار إليه ينتقض البيع، وكذلك الجواب فيما إذا كان نصفها فضة ونصفها صفراً؛ لأنه إذا كان هكذا فهو بمنزلة فضة ضم إليها فلس رائج فلا يتعين أيضاً، وإن كانت الدراهم ثلثاها صفر بيعت وزناً كالسلع يجب أن تتعين بالتعيين، فيبطل البيع بهلاكها قبل التسليم، كذا قاله مشايخنا رحمهم اللَّه.

وإذا كانت الدراهم صنوفاً مختلفة منها ما ثلثها فضة، وثلثها صفر، ومنها ما نصفها صفر فلا بأس ببيع إحدى هذه الصنوف بالصنف الآخر متفاضلاً يداً بيد ولا خير في ذلك نسيئة يريد به أنه لا بأس ببيع ما كان الصفر فيه غالباً بما كان الصفر فيه مغلوباً وببيع ما كان الصفر فيه مغلوباً بما كان الصفر والفضة فيه على السواء، وعلى العكس يداً بيد وإن كان متفاضلاً؛ لأنه تصرف فضة هذا إلى صفر ذلك وصفر ذلك إلى فضة هذا، وجعل بمنزلة ما لو باع صفراً وفضة بصفر وفضة فإنه يجوز كيف ما كان، ولكن بعد أن كان يكون يداً بيد، وأما لا خير فيه نسيئة؛ لأن الوزن يجمعهما وهما ثمنان فيحرم النَّساء.g

فأما إذا باع جنساً منها بذلك الجنس متفاضلاً ففيما إذا كانت الفضة غالبة لا يجوز؛ لأن المغلوب ساقط الاعتبار، فكان الكل فضة فلا يجوز إلا مثلاً بمثل، وفيما إذا كان الصفر غالباً أو كانا على السواء يجوز متساوياً ومتفاضلاً؛ لأن الصفر معتبر والفضة كذلك، فأمكن صرف الجنس إلى خلاف الجنس، ويشترط أن يكون يداً بيد باعتبار صورة الفضة.

وعلى قياس هذه المسألة قالوا: إذا باع من العدليات في زماننا واحداً باثنين يجوز بعد أن يكون يداً بيد هذه الجملة من «الجامع الكبير» وفي «نوادر ابن سماعة» سئل أبو يوسف عن بيع درهم بخاري بدرهمين وقد يكون في بعض البخاري من النحاس دانقين

<<  <  ج: ص:  >  >>