للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

h

وروي عنه رواية أخرى: أنه لا يجوز البيع، ويحتاج إلى بيع جديد، وبه أخذ جماعة من مشايخنا، وبه كان يفتي أبو عبد الله البلخي، وهكذا ذكر شيخ الاسلام رحمه الله في شرح كتاب البيوع الفاسدة؛ لأن شرط جواز العقد، وهو القدرة على التسليم كان فائتاً وقت البيع فلا يجوز البيع، وإن وجد من بعد.

وصار كما لو باع خمراً، فصار خلاً في المجلس وتسلمه، أو باع طيراً في الهواء، أو سمكاً في الماء، أو وحشاً في الفضاء، ثم أخذه، وسلم في المجلس فإنه لا يجوز البيع، وطريقه ما قلنا، ومن أخذ بهذه الرواية الأولى أنهما تراضيا عليه عند العبد، فينعقد بينهما بالتعاطي.

إما أن يقال: بأن ذلك العقد يجوز فلا، وإن جاء رجل إلى مولى الآبق، وقال: إن عبدك الآبق عندي، وقد أخذته فبعه مني، فباعه جاز، ولو قال: عود هو عبد فلان قد أخذه فبيعه، فباعه لا يجوز.

الفرق: أن فساد بيع الآبق عرف بالأثر، والأثر ورد في الآبق المطلق، وهو الآبق في حق أحد المتعاقدين، وفيما إذا قال الذي يريد شراءه: هو عبدي قد أخذته، فهذا ليس بآبق في حق المشتري، فلا يكون آبقاً مطلقاً، وفيما إذا قال: هو عبد فلان، فهو آبق في حق البائع والمشتري، فكان آبقاً مطلقاً؛ ولأن في الصورة الأولى العبد غير معجوز التسليم في حق المشتري، ولا كذلك في الفصل الثاني، وروى الحسن عن أبي حنيفة: أن بيع الآبق جائز ذكر القدوري هذه الرواية.

وكان أبو الحسن الكرخي يقول: بيع الآبق فاسد إلا أن يرضي المشتري أن ينتظر حتى يتمكن البائع من التسليم، وفاسد بيع المرهون والمستأجر.

وفي «المنتقى» : رواية الحسن عن أبي حنيفة: إذا باع الآبق، والمشتري يعلم بمكانه جاز، فإن باعه وقبضه، ثم اختلفا فقال المشتري: لم أعلم بمكانه حين بعتني، وقال البائع: لا بل علمت، فالقول قول البائع وهو الصحيح، وإن باعه ولا يعلم أحدهما بمكانه لم يجز، وأما بيع أرض القطيعة جائز، وهي التي أقطعها الإمام لقوم وخصهم بها؛ لأنهم ملكوها بالقطيعة فيجوز بيعهم، وأما بيع أرض الإجارة والإكارة، فالإجارة هي الأرض الخراب يأخذها إنسان بأمر صاحبها فيعمرها ويزرعها، وإن كانت الأرض التي في يد الأكرة، فنقول: إن باعها صاحبها جاز؛ لأنه مالك رقبتها، وإن باع الذي له أجارتها وآكارتها لا يجوز البيع؛ لأن له العمارة لا غير، وإنه مال متقوم، وإذا باع الأرض وهي في عقد مزارعة أخرى، قال شمس الآئمة الحلواني: المزارعة أولى في مدته من أيهما كان البذر، فإن أجاز المزارع البيع فلا أجر لعمله.

في «مجموع النوازل» : إن أجاز المزارع يكون كلا النصيبين للمشتري يريد به إذا كان في الأرض غلة، وإن لم يجز لا يجوز البيع، وكذا في الكرم سواء ظهر الثمار، أو لم يكن هذا الفصل في الزتدويستي.

وقيل: الجواب على التفصيل إن كان البذر من المزارع لا يجوز في حقه؛ لأن مستأجر الأرض، وكذا في الكرم إن لم يظهر الثمار، ويجوز البيع، وبه كان يفتي ظهير الدين رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>